«لؤلؤٌ مكنون» : وصف للخدمة ، فهم في حسنهم وصباحتهم وصفائهم وبياضهم كاللؤلؤ المصون في الصدف ، أو الذي اخرج تواً من الصدف.
صحيح أنّ الجنّة ـ حسب التعابير الواردة في الآيات والروايات ـ لاتحتاج إلى خدم ، وكل مايريد أهل الجنّة مهيأ وجاهز ، ولكن هذا يعبّر عن مقدار الاحترام والاكرام المنقطع النظير لأهلها من قبل الخدم.
ولو أنّ هذه الآية لم تخبر صراحة ، عن علّة طوافهم ، ولكن الآيات التي بعدها أشارت إلى أنّ مهمتهم تتعلق بخدمة وتضييف أهل الجنّة بأنواع الأشربة والشراب الطهور ، ومختلف الأغذية.
التعبير بـ (لهم) يدل على أنّ لكل واحدٍ من أهل الجنّة خدماً خاصين به ، وقيل : ليس على الغلمان مشقة في خدمة أهل الجنّة بل لهم في ذلك اللذة والسرور إذ ليست تلك الدار دار محنة.
وقد نقل الكثير من المفسِّرين هذا الحديث عن رسول الله صلىاللهعليهوآله : قيل يارسول الله الخادم كاللؤلؤ فكيف المخدوم؟ فقال : «والذي نفسي بيده إنّ فضل المخدوم على الخادم كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب» (١).
ومن الجدير بالذكر أنّ (الغلمان) جمع غلام وتعني في اللغة (الصبي) لا العبد (٢).
ومن البديهي أنّ الأفراد بهذا السن يتمتعون بالنشاط والحيوية والجدية.
وذكر القرآن الكريم تعبيراً آخر بخصوص الخدم وهو «ولدان» ، قال تعالى : (يَطُوفُ عَلَيهِمْ وِلدَانٌ مُّخَلَّدُونَ* بِأَكوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِّنْ مَّعِينٍ). (الواقعة / ١٧ ـ ٨)
«ولدان» : جمع «وليد» بمعنى (مولود) ، وهنا بمعنى (الغلام) وما ذهب إليه البعض من كونهم صغار المؤمنين يخدمون آباءهم فهو بعيد (٣) ، وذلك لأنّهم إن كانوا مؤمنين فهم
__________________
(١). راجع تفاسير مجمع البيان ؛ روح الجنان ؛ روح البيان ؛ القرطبي ؛ والكشاف ذيل الآية مورد البحث.
(٢). لقد كتب الكثير من أرباب اللغة في تفسيرها «الغلام هو الطار الشارب» (مقاييس اللغة ، المفردات ، لسان العرب).
(٣). تفسير الكبير ، ج ٢٩ ، ص ١٤٩ ذكر هذا الاحتمال في تفسيره واستبعده.