نلا حظ في القرآن الكريم آيتين فيهما وصف جميل وغني للجنّة وهو «دار السلام» وهذا ما جاء في الآية الكريمة : (لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَهُوَ وَلِيُّهُمْ بِمَا كَانُوا يَعمَلُونَ). (الأنعام / ١٢٧)
وكذلك جاء هذا الوصف في قوله تعالى : (وَاللهُ يَدعُوا إِلَى دَارِ السَّلَامِ). (يونس / ٢٥) ينقسم المفسرون في تفسيرهم لمعنى (دار السلام) إلى قسمين :
الأول : يرى أنّ السلام هنا يعني السلامة من كل ألم وآفة وبلاء ، وهو من أوصاف الدار أي : الجنّة ، فلا وجود هناك لصراع الناهبين في الدنيا المادّية ولا أثر للسلوكية المنحرفة لأصحاب الثروة الغافلين عن ذكر الله ، ذلك المكان خالٍ من الحروب وإراقة الدماء ولا مكان فيه للاستعمار والاستثمار ، نعم هناك دار السلام والوئام والأمن والأمان (١).
الثاني : يرى أنّ السلام من أسماء الله ، وعلى هذا فدار السلام هي من قبيل المضاف والمضاف إليه ، وهو إشارة إلى أنّ الجنّة دار الله ، وكلا المعنيين جميل رغم أنّ المعنى الأول يبدو مناسباً أكثر ، لأنّ أصل هذه المفردة ـ بناءً على قول الراغب الإصفهاني ـ يعني الخلو والسلامة من العيب والنقص الظاهري والباطني ، حتّى أنّ هذه المفردة أطلِقت على ذات الباري عزوجل كواحدة من صفاته وأسمائه الحُسنى ، لأنّ ذاته المقدّسة سالمة من العيب والفناء.
ويظهر كذلك من جملة (لهم دار السلام) أنّها تتطابق والمعنى الأول. (تأمل).
وورد في حديث عن ابن عّباس أنّه قال : «دار السلام : الجنّة وأهلها لهم السلامة من جميع الآفات والعاهات والأمراض والاسقام ، ولهم السلامة من الهرم والموت وتغير الأحوال عليهم ، وهم المكرمون الذين لا يهانون أبداً ، وهم السعداء الذين لا يشقون أبداً ، وهم الفرحون المسرورون الذين لا يغتمون ولا يهتمون أبداً ، وهم الأحياء الذين لا يموتون
__________________
(١). بلغني وأنا أكتب هذه الجمل أنّ المستعمرين بقيادة أمريكا قد بدأوا قبل عدّة ساعات بهجوم على العراق وأنّ المئات من طائراتهم تضرب وبشكل متواصل جميع المنشآت الحيوية في هذا البلد (٢٧ / ١٠ / ١٣٦٩ المصادف ليوم ٣٠ جمادى الثانية عام ١٤١١).