اللغوي الذي يعني السعة والامتداد ، (١) وقد تحملت جماعة من المفسّرين مشقّة كبيرة للعثور على طول الجنّة بسبب الخطأ الذي وقعوا فيه في فهم معنى «العرض».
وقال البعض أيضاً : إنّ لهذا التعبير بُعد كنائىٌّ ، لأنّ أوسع ما يمكن أن يتصوّره ذهن الإنسان هو عرض السموات والأرض ، وإلّا فسعتها الحقيقية أكبر من هذا بكثير.
وممّا يلفت الانتباه أنّ الحديث ابتدأ أولاً بالمغفرة الإلهيّة ، ثم تطرق ثانياً إلى الجنّة وما فيها من امتداد وذلك لأنّ المغفرة تعني التطهر من الذنوب ونيل الاستحقاق في القرب الإلهي وهو ما يفوق الجنّة أهميّة ، إضافة إلى أنّ الطهارة والمغفرة إذا لم تتحققا ، فلن يكون هناك طريق للجنّة.
الفعل «سابقوا» مأخوذ من مصدر «المسابقة» وهو إشارة إلى هذه المسألة التي تعني أنّ للجنّة والمغفرة أهميّة بالغة تحتّم على المؤمنين بذل الجهد لبلوغهما كما يفعل الابطال عادة حين التسابق لبلوغ هدف معيّن.
ويفهم من هذا التعبير أيضاً أنّ هذه الدنيا لا تعدو أن تكون سوى حلبة سباق والهدف النهائي لها هو ذلك العالم.
ولكن على أي شيء يجري التسابق؟ لقد وضع الكثير من المفسيرين أصابعهم على مصاديق خاصة دون سواها ، كأمثال التسابق نحو «الإسلام» أو «الهجرة» أو «الصلوات الخمس» أو «الجهاد» أو «التوبة».
إِلّا أنّه من الواضح أنّ الآية تحمل مفهوماً أوسع يشمل جميع الطاعات والأعمال الصالحة ، وأنّ ما ورد في كلام هذه المجموعة من المفسرين يمثّل في الواقع مصداقاً واحداً من هذا المفهوم الواسع.
* * *
__________________
(١). قال الكثير من أصحاب اللغة أنّ «العرض» يقابل «الطول». لكنهم لم ينكروا أنّ العرض جاء أيضاً بمعنى السعة ، ووفقاً لما ورد في كتاب «التحقيق في كلمات القرآن الكريم» المعنى الأصل للعرض هو وضع الشيء في مقابل الانظار ، ولما كان نظر الإنسان غالباً ما يقع على عرض الأشياء لا طولها ، لذلك استخدمت هذه الكلمة في المعنى المذكور أعلاه ، وعلى هذا فعرض السموات والأرض في الآية التي نبحثها يعني كل وجودهما الذي يمكن مشاهدته.