وردت كلمة «جنات عدن» احدى عشرة مرّة في القرآن الكريم (١) وهذا التكرار يفيد الأهميّة في المواصفات المتعلّقة بالجنّة.
و «الجنّات» : جمع (جنّة) وهي الحدائق الكثيرة في الجنّة ، و «عدن» تعني في الأصل الإقامة حسب ماذكر صاحب «مقاييس اللغة» أو بمعنى الثبات والاستقرار حسب ماأفاد به كتاب المفردات ، وهذا يتضمن إشارة إلى خلود الجنّة ، لا إلى حدائق هذه الدنيا التي تتعرض أشجارها لتساقط الأوراق في فصل الخريف وقد تيبس وتموت بعد عدّة سنوات ، وقد تنقطع عنها مصادر المياه ، أو قد تتعرض ثمارها للآفات أو تجف جذوعها من الداخل أو قد تقضي عليها الرياح الحارّة اللاهبة أو القارصة ، بل وقد تتعرض للصواعق فتتحول إلى رماد ، وخلاصة القول أنّها عرضة لألف آفة وبلاء بينما أشجار الجنّة باقية دوماً وحدائقها خضراء غنّاء لا يعتريها اليبس ولا المرض ولا تساقط الأوراق أو الذبول.
قال بعض المفسرين : إنّ المقصود من (جنّات عدن) وسط الجنّة ، وهي في الحقيقة جنّة من جنانها إلّاأنّ لها من السعة ما يجعل كل جزء من اجزائها وكأنّه جنّة قائمة بذاتها وقد ذُكرت على هيئة الجمع (٢) ، لكن التأمل فيما سبق من القول يجعل مثل هذا المعنى بعيداً.
وأبرزت الآية الثالثة نفس هذا المعنى ولكن بعبارات اخرى ؛ فهي تقول : (امَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُم جَنَّاتُ المَأوَى نُزُلاً بِمَا كَانُوا يَعمَلُونَ).
«المأوى» : مشتقة من كلمة «اوِيّ» على وزن (قويّ) ، قال الراغب في المفردات : إنّها تعني انضمام الشي إلى شيء آخر (ثم أصبحت تعني الإقامة عند الشيء).
وقال صاحب مقاييس اللغة : إنّ أحد معانيها هو «التَجمُّع» وهذا يستلزم السكن عند الشيء ، والمأوى يعني باختصار : المكان والمسكن والمقر الذي يسكنه الإنسان ليلاً أو نهاراً ويستريح فيه ، وعلى هذا ف «جنّات المأوى» تشير إلى الخلود والدوام والاستقرار في الجنّة
__________________
(١). في سور ، التوبة ، ٧٢ ؛ الرعد ، ٢٣ ؛ النحل ، ٣١ ؛ الكهف ، ٣١ ؛ مريم ، ٦١ ؛ طه ، ٦٧ ؛ فاطر ، ٣٣ ؛ ص ، ٥٠ ؛ غافر ، ٨ ؛ الصف ، ١٢ ؛ البّينة ، ٨.
(٢). تفسير مجمع البيان ، ج ٦ ، ص ٤٦٧ ؛ وتفسير القرطبي ، ج ٦ ص ٤٠١٣.