وذكر المفسرون احتمالات متعددة لسبب حصول كل واحدة من هاتين الفئتين على جنّتين ، وهذه الاحتمالات لا تتعارض فيما بينها ولعلّها ملخّصة في مفهوم الآية ، ومن جملة ذلك أنّ إحداهما تشير إلى الجنّة الروحية والاخرى تشير إلى الجنّة المادية أو أنّ لكل واحد من أهل الجنّة جنّتين : إحداهما عامّة لمقابلة الاصدقاء ، والاخرى خاصة لمعاشرة الزوجات.
أو أن تكون إحداهما كثواب على العقيدة والإيمان والأخرى جزاءً للعمل الصالح.
أو أن تكون إحداهما جزاءً للعمل والاخرى فضل من الله.
أو ربّما إحداهما جزاءً على طاعة الأوامر والثانية ثواباً على اجتناب الذنوب!
* * *
ويمكننا أن نستخلص من مجموع ماذكر أنّ للجنّة مقامات ودرجات ومراتب ويمكن اعتبار كل واحدة منها جنّة ، ولا شك أنّ اختلاف درجات أولياء الله في الدنيا يستوجب اختلاف مراتبهم في الجنّة ، فجنّة المقربين تختلف عن جنّة أصحاب اليمين ، وجنّة الذين يحتلّون الذُرى في الورع والإيمان والمعرفة والعمل الصالح تختلف عن جنّة من هم في مراتب أدنى.
ورغم عدم قدرة أذهاننا على استيعاب مواصفات أي منهما ، إلّاأننا نعلم قطعاً أنّهما عالمان مختلفان ، ولعل أهل المراتب الأدنى في الجنّة لا يتمكّنون من معرفة أحوال العوالم الأرفع مكانة!
ينبغي الإشارة إلى أنّ كلمة الجنّة قد وردت في القرآن الكريم أحياناً بصيغة المفرد الذي يحمل مفهوم اسم الجنس ويشمل جميع الحدائق والرياض في الجنّة ، وأحياناً اخرى بصيغة الجمع وهو مايشمل رياض الجنّة ودرجاتها ومراتبها المختلفة ، وأحياناً بصيغة التثنية (جنّتان) وهو ما دلَّ على درجتين مختلفتين ، وقد سبق لنا شرحه.
ويتحدّث القرآن في بعض الأحيان عن خلود الجنّة ويستخدم عبارات من أمثال