وقد وردت هذه الكلمة أيضاً بخصوص نعم الجنّة في آيات كثيرة من القرآن الكريم والتي سبقت الإشارة إليها في بحث نِعَم الجنّة.
لنرى الآن ما معنى «الخلود» في اللغة ، وما معناه عند المفسّرين :
فسَّر لسان العرب كلمة الخلود بمعنى دوام البقاء في دار لا يخرج منها واطلق للآخرة (دار الخلد) لبقاء أهلها فيها.
وفي مقاييس اللغة ذكر معنىً واحداً لأصل الكلمة وهو الثبات والبقاء والتلازم.
وورد نفس هذا المعنى أيضاً في «صحاح اللغة» وكتب اخرى.
لكن الراغب قال في «المفردات» : إنّ معناها الأصلي هو تبرّي الشيء من عروض الفساد وبقاؤه على الحالة التي هو عليها ، وكل ما يتباطأ عنه التغيير والفساد تصفه العرب بالخلود ، ويقال للذي يبقى مدة طويلة ، وفيه قيل : رجل مخلّد لمن أبطأ عنه الشيب.
وعلى كل الأحوال نستخلص من مجموع كلمات أصحاب اللغة رأيين مختلفين.
الأول : هو المعنى الدال على الدوام والبقاء والأبدية ، وإن اطلق على طول العمر فهو من باب التشبيه ليس إلّا.
والثاني : طول العمر ، وإذا اطلق على الدوام والأبدّية فهو من باب البيان المطلق.
وللمفسرين أيضاً آراء مختلفة في هذا الصدد.
فقد صَرّح بعضهم : إنّ «الخلود» هنا يعني الاستمرار والدوام الذي لا انتهاء له مطلقاً (١).
وقال آخرون إنّ معناه الحقيقي هو الاستمرار والتواصل والدوام ومعناه المجازي المدّة الطويلة ، أمّا الاستخدام القرآني للكلمة فهو بالمعنى الأول (٢).
وذكر بعضهم نفس هذا المعنى بتعبير آخر وهو أنّ الخلود في اللغة يعني المكث الطويل كما هو الحال في قولنا للسجن المؤبد والفترات الطويلة الأمد ، فنقول مثلاً خُلِّد فلان في السجن ، أمّا في لسان الشرع فيعني الأبدية (٣).
__________________
(١). الطبرسي في مجمع البيان.
(٢). تفسير القرطبي ، ج ١ ، ص ٢٠٧.
(٣). تفسير المراغي ، ج ١ ، ص ٦٩.