وجاء في تفسير المنار أنّ فتح باب تأويل الخلود أدى إلى جرئة أصحاب استقلال الفكر في هذا الزمان على الدخول فيه والقول إنّ معنى خلود الكافرين في العذاب طول مكثهم فيه ، لأنّ الله الرحمن الرحيم ، الذي سبقت رحمته غضبه ما كان ليعذب بعض خلقه عذاباً باق لا نهاية له (١).
ويقول البعض أيضاً : رغم أنّ الكفرة والمعاندين الطغاة المتمّردين الذين استشرت الذنوب في صميم كيانهم يبقون في النّار ، إلّاأنّ جهنّم لا تبقى دوماً على حال واحدة فلابدّ أن تبلغ اليوم الذي تخمد نارها ويرتاح أهلها.
وقد احتمل أيضاً أنّ أهل النّار سيعتادون بمرور الزمن على شدّة حرارة النّار وكثرة العذاب ويتلاءمون بالتدريج مع وضع جهنّم فلا يبقى لديهم أي شعور بالألم!
إلّا أنّ أمثال هذه الاحتمالات مرفوضة من قبل علماء الإسلام ومفسري القرآن لأنّها تتعارض وصريح الآيات القرآنية ، إضافة إلى أنّ الآيات التي قرأناها لم تقتصر عباراتها على ذكر كلمة الخلود فحسب حتّى تتحمل مثل هذه التأويلات بل توجد إضافة إليها تعابير اخرى وردت وهي لا تحتمل مثل هذه التأويلات ، (فتأمل).
وخلاصة القول هي أنّ العجز عن حل مشكلة الخلود في العذاب ، قد دفع البعض فيما يبدو إلى الميل لمثل هذه التأويلات غير الصائبة ، وإلّا فدلالة الآيات القرآنية والروايات الإسلامية بالنسبة لخلود العذاب لمجموعة من المجرمين مسألة لا تقبل النقاش.
وفي العبارة الثانية نلاحظ وجود كلمة «الإقامة» حيث تقول الآية الشريفة : (يُرِيدُونَ ان يَخرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَاهُم بِخَارِجِينَ مِنهَا وَلَهُم عَذابٌ مُّقِيمٌ).
إنّ وصف كلمة العذاب بـ «المقيم» يدل بوضوح على أنّ هذه العقوبة بالنسبة لهم ثابته ومستمرة.
* * *
__________________
(١) تفسير المنار ، ج ١ ، ص ٣٦٤.