لذلك يصرّح المرحوم الطبرسي في مجمع البيان بأنّ كلمة «ماكثون» هنا تعني «دائمون» ، ورغم أنّ الآية المذكورة لم تبيّن هل أنّ مالكاً أجابهم مباشرة أم بعد مدّةٍ من الزمن ، إلّاأنّ جماعة من المفسّرين قالوا : أنّ هذا الجواب يأتيهم بعد مدّة للامعان في تحقيرهم والاستخفاف بهم. فقال بعضهم : أنّ الجواب يرد بعد أربعين عاماً ، وقال آخرون بعد مائة عام ، ونُقِل عن ابن عباس أنّه قال : إنّ هذا الرد السلبي يأتيهم بعد ألف عام (١) ، من أجل أن يظلّوا في الانتظار لمدّة أطول ويتحمّلوا العناء وذل الاستهانة!
وتظهر الآية بوضوح عدم وجود الموت في ذلك العالم ، بل هم دوماً أحياء يعيشون في الألم والعذاب.
* * *
ويطالعنا في الآية الخامسة تعبير يتحدث عن «عدم الخروج من النّار» بشكل مطلق ، وهو تعبير آخر يحكي حقيقة خلود العذاب ، وتصف الآية نفور المتَّبَعين من المتّبِعين في قولها : (كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ اعُمالَهُم حَسَراتٍ عَلَيْهِم وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ).
نعم هؤلاء لا يجنون سوى الندم على مامضى ، والحسرة على ما كانوا يقومون به من تقليد أعمى وطاعة مطلقة لقادة الضلال ، والتأسف على العمر الذي مَرَّ هدراً ، وعلى الأموال التي جُمعت من الحرام وتُرِكت يتنعم بها الآخرون ، وعدم استغلال فرص التوبة التي اتيحت لهم ، ولكنها حسرة وندم لا طائل من ورائهما لأنّ فرص العودة قد مضت وإمكانية التعويض لن تأتي ثانية.
يقول المرحوم العلّامة الطباطبائي في تفسير الميزان ، عند تفسيره لهذه الآية : وهذا دليل ضد من يعتقد بنهاية عذاب جهنّم.
* * *
__________________
(١). تفسير الكبير ، ج ٢٧ ، ص ٢٢٧ ؛ وتفسير القرطبي ، ج ٩ ، ص ٥٩٣٧ ، نقل أيضاً في تفسير مجمع البيان مسألةالأربعين عاماً والألف عام.