آيات الشفاعة تختص بذلك اليوم ، ولكن هل تحصل الشفاعة أيضاً في عالم البرزخ أو في عالم الدنيا؟ وهل هناك شفاعة في الآخرة وقبل انتهاء الحساب ، أم لا؟ هناك آراء في ذلك ، منها :
للعلّامة الطباطبائي رحمهالله بحث مفصل في هذا الصدد ، وفي ختامه يستنتج ما يأتي :
«إنّ الشفاعة تكون في آخر موقف من مواقف يوم القيامة حيث يطلب فيها الشفيع المغفرة ـ فيحول دون دخول المشفوع له النّار ، أو اخراج بعض من كان داخلاً فيها ، باتساع الرحمة أو ظهور الكرامة.
ويشير في بعض كلماته إلى عالم البرزخ وما يدل على حضور النبي صلىاللهعليهوآله والأئمّة عليهمالسلام عندد الموت وعند مسائلة القبر واعانتهم إيّاه على الشدائد.
ويضيف : فليس من الشفاعة عند الله في شيء وإنّما هو من سبيل التصرفات والحكومة الموهوبة لهم بأذن الله سبحانه» (١).
والغريب في الأمر أنّه عندما يتحدّث عن حقيقة الشفاعة يعطيها من الشمولية بحيث يعتبر أي نوع من تأثير الأسباب في عالم التكوين والتشريع مشمولاً بالشفاعة ، ولكنه لايعتبر هنا مساعدة أولياء الله لجماعة من المؤمنين لإنقاذهم من مشكلات القبر والبرزخ ، مصداقاً للشفاعة.
وعلى أيّة حال يستشف من مجموع الآيات والروايات أنّ الشفاعة ـ بالمعنى الواسع للكلمة ـ تتحقق في العوالم الثلاثة (الدنيا والبرزخ والآخرة) رغم أنّ المكان الرئيسي لها والأثر المهم هو في يوم القيامة لغرض النجاة من عذاب النّار.
جاء في قوله تعالى : (وَلَو انَّهُم اذ ظَّلَمُوا انفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللهَ وَاستَغفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَّحِيماً). (النساء / ٦٤)
وهل أنّ استغفار الرسول صلىاللهعليهوآله للمؤمنين المذنبين يعني شيئاً سوى الشفاعة؟!
وجاء نفس هذا المعنى في موضع آخر من القرآن الكريم في قصة يعقوب وابنائه إذ
__________________
(١). تفسير الميزان ، ج ١ ، ص ٧٤ ، ذيل الآية ٤٨ من سورة البقرة.