إنَّ اللهَ يَحْكُمُ بَينَهُمْ فِى مَا هُم فِيهِ يَختَلِفُونَ). (الزمر / ٣)
ووفقاً لهذه الآية فانّهم كانوا يعتبرون من يعبدون من دون الله أولياء ، وقيِّمين وحماة وحافظين لهم ، فكانوا يعبدونهم ، وكلا هذين الفعلين (اعتبارهم أولياء وعبادتهم) شرك.
أمّا إذا لم يعبد أولياء الله وأنبياء وملائكته ، بل يحترمهم ويكرّمهم ويرى فيهم أنّهم شفعاء له بين يدي الله وبأذنه ، فهو غير مشمول بهذه الآية قطعاً.
وبسبب عدم احاطة الوهابيين بالآيات القرآنية الواردة بخصوص الشفاعة ، ومسألة الكفر والإيمان والشروط التي حدَّدها الله للشفيع والمشفوع له ، فقد اشتبهت عليهم هذه المسألة مع ما كان يعتقد به عبدة الاوثان ، وبهذه الشاكلة التَبَسَتْ عليهم الحقيقة.
٥ ـ أمّا قول الوهابيين إنّ عبدة الأوثان العرب كانوا يعتقدون بأنّ كلَّ شيء بما فيه المالكية والرازقية لله تعالى ، وكانت مشكلتهم تتمثل فقط في شفاعة ووساطة الأوثان ، فهو خطأ آخر من أخطائهم الناتجة عن فقرهم العلمي والثقافي وعدم المامهم بالآيات القرآنية. وذلك لأنّهم ـ أي عبدة الأصنام ـ كانوا ينسبون بعض هذه الصفات للاصنام كما يفهم هذا المعنى من الآيات الشريفة ومن جملتها : (فَاذَا رَكِبُوا فِى الفُلْكِ دَعَوُا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُم الَى الْبَرِّ اذَا هُم يُشرِكُونَ). (العنكبوت / ٦٥)
يتبيَّن من هذا التعبير أنّهم كانوا في الأوضاع العادية يتوسلون بالأصنام لحل مشاكلهم ، وفي الشدائد يتعلّقون بالله فقط.
وكذلك ما فيها أمر للنبي صلىاللهعليهوآله : (قُل أَرَأَيْتُمْ شُركَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدعُونَ مِن دُونِ اللهِ أَرُونِى مَاذَا خَلَقُوا مِنَ الأَرضِ أَم لَهُمْ شِركٌ فِى السَّموَاتِ). (فاطر / ٤٠)
لو كان المشركون يعتقدون بتفرد الله في الخالقية وينظرون إلى الأصنام نظرة الشفيع فلا معنى لهذا السؤال ، لأنّهم سيقولون في الجواب : إننا لا نعتبرهم خالقين ، ونعدّهم واسطة فقط بين الخالق والمخلوق ، وهل يجب في الواسطة أن يكون خالقاً أو شريكاً في الخلق؟
وهذا يكشف بوضوح أنّ عبدة الأصنام قد جعلوا من أصنامهم بشكل من الأشكال أنداداً وشركاء لله سبحانه وتعالى ، وأنّ الرسول صلىاللهعليهوآله مأمور بكشف وفضح أكاذيبهم بأنّ يسألهم ماذا خلقوا؟