تعالى الشاهد الأول ، قال تعالى : (فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلَى مايَفْعَلُونَ) (١).
فالمحكمة التي يكون حاكمها الله جلّ جلاله وشاهدها الأول ذاته المقدّسة فهل من الممكن أن يغفل عن شيء ويفوته عند الحساب؟!
ومن البديهي أن تكون مثل هذه المحكمة محكمة مثيرة للقلق والوجل لا لاحتمال الحكم بغير الحق بل بسبب سوء أعمالنا.
لقد فسّر بعض المفسرين الشهادة هنا بمعنى الجزاء والمجازاة في حين أنّه لا ضرورة لمثل هذا التفسير الذي يخالف ظاهر الآية ، وذلك لعدم وجود أي مانع لشهادة الذات الإلهيّة المقدّسة على أعمال العباد في ذلك اليوم وتعيين شهادته تعالى عن طريق الهام الملائكة المأمورين بالحساب.
وقيل : إنّ شهادة الله تكون بإنطاق أعضاء جسم الإنسان فتجيب عمّا اقترفت من أعمال في الدنيا.
* * *
الآية الخامسة تحدّثت عن شهود المحشر أيضاً ولكن كان الكلام فيهايدور حول شهادة الأنبياء على أممهم وشهادة الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآله على سائر الأنبياء ، قال تعالى : (فَكَيفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئنَا بِكَ عَلَى هؤُلَآءِ شَهِيداً).
ومع أنّ هذه الآية لم تذكر صراحة أنّ شهداء كل امة هم أنبياؤها ، ولكن القرائن تؤكد هذه المسألة وذلك لأنّ نبي كل امة هو أكثر الناس صلاحية للشهادة على امته كما أنّ الآية الكريمة لم تذكر من المراد بكلمة (هؤلاء) أي من هم بالدقّة؟ ولذا فقد ذكر المفسرون احتمالات لذلك ، قال بعضهم : إنّها إشارة إلى قوم الرسول صلىاللهعليهوآله فهو الشاهد عليهم يوم القيامة (٢).
__________________
(١). جاء في تفسير الميزان : أنّ (ثم) الواردة في الآية أعلاه تُفيد التراخي في البيان لا التراخي في الزمان في حين أنّه يمكن تصور التراخي الزماني في مورد الآية أيضاً ، وذلك لأنّ الله تعالى يحشر الناس أولاً وبعدها يشهد على أعمالهم نظراً لأنّ المقصود هو الشهادة عند الحساب.
(٢). ورد هذا الاحتمال في تفسير الكشاف ، ج ١ ، ص ٥١٢ وكذلك في تفسير مجمع البيان ج ٣ ، ص ٤٩.