______________________________________________________
وبالجملة : هيئة التركيب تقتضي أن تكون الضمائر في قوله (ع) : « عن نفسه » ـ في الموضعين ـ وقوله : « له » ، وقوله (ع) : « يجزي عنه » ، وقوله : « من ماله » كلها راجعة إلى مرجع واحد ، وهو الصرورة ، والتفكيك ـ بإرجاع بعضها إلى الصرورة وبعضها إلى الميت ـ بعيد عن السياق.كما أن هيئة التركيب أيضاً تقتضي أن يكون الضمير في قوله (ع) : « وهي » راجعاً الى حجة الصرورة عن الميت المذكور في السؤال.
هذا ما يرجع الى صحيح سعد. وأما صحيح سعيد ، فالظاهر من قوله (ع) فيه : « فليس له ذلك » : أنه ليس له أن يحج عن غيره تكليفاً ، لا أنه باطل ، بقرينة : « وهو يجزي عن الميت .. ». وحمله على الوضع ـ يعني : أنه لا يصح الحج عن الميت حتى يحج من ماله ، وبعد ذلك إذا حج عن الميت يجزي عن الميت ، سواء أكان له مال أم لم يكن ـ بعيد جداً. بل هو أبعد من حمل الصحيح السابق على هذا المعنى ، فالاستدلال به على المشهور أولى بالإشكال من الاستدلال بالصحيح السابق. ومن العجيب ما ذكره في الجواهر في رد المدارك ـ في حمل : « وهو يجزي » على إرادة بيان إجزاء حج الصرورة عن غيره مطلقاً ـ بقوله : « وفيه : أنه خلاف ظاهر قوله (ع) : « لا يجزي عنه » ، وخلاف قاعدة اقتضاء النهي الفساد. بل هو عند التأمل تفكيك في الخبر يقطع بعدم إرادته .. ».
وربما يستدل للمشهور : بأن اللام في قوله تعالى : ( وَلِلّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ .. ) (١). لما كانت ظاهرة في الملك ، كانت الآية دالة على كون الحج مملوكا لله تعالى ، وحينئذ لا يجوز التصرف فيه بنحو لا يكون مأذوناً فيه من قبل الله تعالى ، فاذا حج عن غيره أو عن نفسه تطوعاً كان تصرفاً فيه بغير إذنه تعالى ، فيكون باطلا. فان قلت : إذا كانت الآية
__________________
(١) آل عمران : ٩٧.