______________________________________________________
الشريفة دالة على الملكية لم تدل على الوجوب ، وحينئذ لا يكون واجباً ، فلا وجه للإتيان به بقصد الوجوب. قلت : يمكن استفادة وجوبه من دليل آخر غير الآية ، مثل : ما دل على أنه إحدى دعائم الإسلام الخمس (١) فيتعين الإتيان به بقصد الوجوب. فان قلت : يلزم حينئذ الإتيان بقصد أداء المملوك ، كما في وفاء الدين. قلت : إنما يلزم الإتيان بقصد وفاء الدين ـ في صدق أداء الدين ـ من جهة أن أداء المملوك يمكن أن يكون على وجه آخر ، وهذا المعنى لا يتأتى في الحج. لأن حج الإسلام لا يكون إلا مملوكاً ، فقصد حج الإسلام كاف في كونه أداء للمملوك.
نعم يمكن الخدش في هذا الاستدلال : بأنه إنما يترتب عليه حرمة التصرف بالإتيان به على غير الوجه الخاص لو كان الملك للمنفعة الخاصة كما في الأجير الخاص. أما لو كان المملوك ما في الذمة ـ كما لو استأجره على عمل في ذمته ـ لم يكن مانع من الفعل لغير المستأجر ، لأن الفعل الخارجي لا ينطبق عليه ما في الذمة إلا بالقصد ، فاذا لم يقصده لم ينطبق ما في الذمة عليه ولا يتحد معه كي يحرم التصرف فيه. نظير : ما لو استأجره على صوم يوم بعينه عن زيد فصام ذلك اليوم عن عمرو ، لم يكن مانع من صحة الصوم. وكذا لو نذر أن يصوم يوماً معيناً ، فان النذر وإن كان يستوجب كون المنذور مملوكاً لله تعالى لكن لما كان المملوك في الذمة لا في الخارج لم يكن مانع من صحة صوم ذلك اليوم إذا جاء به على غير وجه النذر.
وأما ما ورد في صحيح الحلبي وغيره ، الواردين فيمن عجز عن الحج وهو مستطيع ، المتضمنين الأمر باستنابة الصرورة الذي لا مال له ، الدالين على عدم جواز استنابة الصرورة إذا كان له ماله (٢) ـ وهو محل الكلام ـ
__________________
(١) تقدم في الصفحة الاولى من الكتاب الإشارة إلى مصدره.
(٢) راجع أول مسألة : ٧٢ من هذا الفصل.