والاختيار. فلا تنعقد من الصبي وإن بلغ عشراً وقلنا بصحة عباداته وشرعيتها ، لرفع قلم الوجوب عنه [١]. وكذا لا تصح
______________________________________________________
أمر اعتباري ـ مثل الزوجية والبيعية ونحوهما ـ فهو عقد أو إيقاع ، وإن لم يقصد به ذلك فهو غيرهما. فالنذر لما كان المقصود به تمليك الله سبحانه ـ كما عرفت ذلك مراراً ـ ولا يحتاج إلى القبول فهو من الإيقاع. ومثله العهد ، فإنه يقصد به إيجاد المعاهدة. وأما اليمين فهو وعد وليس من الخبر في شيء ، إذ لم يقصد به الحكاية ، وإنما قصد به إيقاع مضمونه في المستقبل ادعاء ، فاذا لم يقع كان خلفاً في الوعد ، وهو قبيح ، لا أنه كذب. وكذلك الوعيد فاذا لم يقع كان خلفاً ، وهو حسن ، لا أنه كذب. ويظهر من ذلك أن اليمين ليس من سنخ النذر والعهد ، فإنهما من الإيقاع وهو من الوعد. هذا ولا إشكال في وجوب العمل بالجميع ، وأن مخالفتها تستوجب الكفارة ، كما هو موضح في أبوابها. فلاحظ.
[١] يشير بهذا إلى حديث : « رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم ، وعن المجنون حتى يفيق ، وعن النائم حتى يستيقظ » (١). وقد اشتهر الاستدلال به على نفي سببية الأسباب إذا كانت صادرة من الصبي ، عقداً ، أو إيقاعاً ـ كالنذر والعهد ـ أو غيرهما ، كاليمين. والاشكال فيه ظاهر ، فان نفي الوجوب في العقد والإيقاع أعم من ترتب المضمون ، ولذا يصح من الولي ويترتب مضمونه وإن لم يجب على الصبي الوفاء به. كما أن نفي الوجوب في حال الصبا ـ في غير الإيقاع والعقد ـ لا يقتضي نفي الوجوب بعد البلوغ. فالعمدة في نفي السببية : هو الإجماع.
ومن ذلك يظهر لك الإشكال في الاستدلال به في المجنون ، وبحديث :
__________________
(١) المعتبر : المقدمة الاولى من كتاب الحج صفحة : ٣٣٧ وقد تقدم في أول فصل شرائط وجوب حجة الإسلام.