ونازعته نفسه إلى النكاح ، صرح جماعة [١] بوجوب الحج وتقديمه على التزويج ، بل قال بعضهم : وإن شق عليه ترك التزويج [٢]. والأقوى ـ وفاقاً لجماعة أخرى ـ عدم وجوبه ، مع كون ترك التزويج حرجاً عليه ، أو موجباً لحدوث مرض [٣].
______________________________________________________
بينهما ، فإنه مع الضرورة إليها لا يجب صرف ثمنها في الحج مطلقاً ، ومع عدم الضرورة يجب صرف ثمنها في الحج مطلقا أيضا. اللهم إلا أن يقال : إذا باع لا بقصد التبديل فقد أقدم على الحرج ، ومع الاقدام على الحرج لا مجال لتطبيق دليل نفي الحرج. وفيه : أنه أقدم على الحرج على أن تكون أثمانها باقية عنده ، لا مطلقاً ، فوجوب الحج حينئذ تكليف حرجي بلا إقدام من المكلف عليه. مع أنه بناء على ذلك لا يكون وجه لقوله : « إلا مع الضرورة ». فاذاً عبارة المتن لا تخلو من تشويش.
[١] منهم : المحقق في الشرائع ، والعلامة في القواعد والمنتهى ، وحكاه في كشف اللثام عن الخلاف والمبسوط.
[٢] صرح بذلك في الشرائع والقواعد ، مستدلين على ذلك : بأن الحج مع الاستطاعة واجب ، والنكاح مندوب ، والمندوب لا يعارض الواجب.
[٣] قال في الدروس : « أما النكاح ـ تزويجاً أو تسرياً ـ فالحج مقدم عليه وإن شق تركه. إلا مع الضرورة الشديدة .. » ونحوه ما في المنتهى وعن التحرير ، مع التعبير بالمشقة العظيمة.
أقول : لا ينبغي التأمل في عدم الاستطاعة حينئذ ، لما دل على نفي العسر والحرج ، كما في الموارد المتقدمة في المسائل السابقة. ولعل مراد القائلين بالجواز غير هذه الصورة وإن صرحوا بالمشقة ، لاحتمال أن يكون المراد من المشقة المشقة اليسيرة ، كما يظهر ذلك من ملاحظة ما في الدروس. وإلا فلو كان المراد منها الحرج لم يكن وجه للفرق بين الشديدة وغيرها.