«نخلّي لك البيت في العام القابل في هذا الشهر ثلاثة أيّام ، حتى تقضي نسكك وتنصرف عنّا» فأجابهم رسول الله إلى ذلك (١).
قال الواقدي : فلما دخل هلال ذي القعدة من سنة سبع ، أمر رسول الله الذين شهدوا معه الحديبية أن لا يتخلّف أحد منهم عن قضاء عمرتهم معه هذه السنة (السابعة) وسمح لمن لم يكونوا معه.
فروى عن ابن عباس قال : فقال رجال من حاضري المدينة من العرب : يا رسول الله ما لنا من يطعمنا! فأمر رسول الله المسلمين أن يتصدّقوا عليهم في سبيل الله. فقالوا : يا رسول الله بم نتصدّق وأحدنا لا يجد شيئا؟ فقال رسول الله : بما كان ، ولو بشقّ تمرة. ولو بمشقص (٢) يحمل به أحدكم في سبيل الله (٣).
وساق رسول الله في هذه العمرة ستين بدنة ، بعد أن قلّدها بنفسه بيده. وكان أبو هريرة الدّوسي ، وعبيد بن أبي رهم الغفاري ، وعليهم ناجية بن جندب الأسلمي ومعه أربعة فتيان من أسلم يسيرون بالهدي أمامه يطلبون الرعي في الشجر. وقاد رسول الله مائة فرس وجعل على هذه الخيل محمد بن مسلمة الأنصاري ، وحمل معهم البيض والدروع والرماح والسلاح ، واستعمل عليه بشير بن سعد. فقيل : يا رسول الله! حملت السلاح ، وقد شرطوا علينا أن لا ندخل عليهم إلّا بسلاح المسافر :
__________________
(١) تفسير القمي ٢ : ٣١١.
(٢) نصل السهم الطويل غير العريض.
(٣) تمامه : فأنزل الله في ذلك قوله سبحانه : (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) البقرة : ١٩٥ وقبلها آية الشهر الحرام ، وبعدها خمس آيات في الحج ، وهذا يتلاءم وفحوى الخبر ، ولعل هذا مما يفسّر كون الآيات في سورة البقرة بأنها الحقت بالبقرة فيما بعد.