بعض ؛ فآلى رسول الله منهنّ شهرا ، فنزلت آيتا التخيير وهما قوله : (قُلْ لِأَزْواجِكَ) وكنّ يومئذ تسعا : سودة بنت زمعة ، وعائشة ، وحفصة ، وأمّ سلمة بنت أبي أميّة ، وأمّ حبيبة بنت أبي سفيان ، فهؤلاء من قريش ، وزينب بنت جحش الأسدية ، وجويرية بنت الحارث المصطلقية ، وصفية بنت حييّ الخيبرية ، وميمونة بنت الحارث الهلالية (١).
ونقل عن ابن زيد : أنّ الآية نزلت حين غار بعض امهات المؤمنين على النبيّ ، وطلب بعضهن زيادة في النفقة ، فهجرهنّ شهرا ، حتى نزلت آية التخيير ، فأمره الله أن يخيّرهنّ بين الدنيا والآخرة ، وأن يخلّي سبيل من اختارت الدنيا ويمسك من اختارت الله ورسوله ، على أنهنّ امهات المؤمنين ولا ينكحن أبدا ، وعلى أنه يؤوي من يشاء منهنّ ويرجي من يشاء منهنّ ، ويرضين به قسم لهنّ أو لم يقسم ، أو قسم لبعضهنّ ولم يقسم لبعضهنّ ، أو فضّل بعضهنّ على بعض في النفقة والقسمة والعشرة ، أو سوّى بينهنّ ، فالأمر في ذلك إليه يفعل ما يشاء ، فرضين بذلك كله واخترنه على هذا الشرط. وهذا من خصائصه (٢).
فهذه الأخبار باشتمالها على ميمونة بنت الحارث الهلالية ، التي لم يتزوّجها النبيّ صلىاللهعليهوآله إلّا في عمرة القضاء في آخر الثامنة للهجرة ، تقتضي نزول هذه الآيات بعد ذلك ، لا بعد الأحزاب أو بني قريظة أو حتى خيبر قريبا منها ، فلعلها الحقت بها بعد ذلك.
ويترتب على هذا ما جاء بشأن آخر الآية : ٥٣ : (... وَما كانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللهِ وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْواجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذلِكُمْ كانَ عِنْدَ اللهِ عَظِيماً* إِنْ
__________________
(١) مجمع البيان ٨ : ٥٥٤.
(٢) مجمع البيان ٨ : ٥٧٣.