قد ضلّت. فقال عبّاد : ألك علم بخيبر؟ قال : نعم ، أنا حديث عهد بها ، ففيم تسألني عنه؟ قال عن اليهود. قال : نعم ، انّ هوذة بن قيس وكنانة بن أبي الحقيق قد ساروا في حلفائهم من غطفان فاستنفروهم وجعلوا لهم تمر خيبر سنة ، فجاؤوا يقودهم عتبة ابن بدر معدّين مؤيدين بالسلاح والكراع ودخلوا معهم في القلاع ، وفيها عشرة آلاف مقاتل ، وهم أهل الحصون التي لا ترام ، وسلاح كثير وطعام لو حصروا سنين لكفاهم ، وماء واتن (دائم) في حصونهم ، فلا أرى لأحد طاقة بهم.
فقال له عبّاد بن بشر : ما أنت الا عين لهم ، ورفع سوطه وضربه ضربات وهو يقول : اصدقني والا ضربت عنقك! فقال الاعرابي : أفتؤمني على أن أصدقك؟ قال : نعم. فحكى له الاعرابي قصته وقال : القوم مرعوبون منكم خائفون وجلون مما صنعتم بيهود يثرب.
فأتى عباد به النبي صلى الله عليه [وآله] وسلم فأخبره خبره ، فقال عمر بن الخطاب : اضرب عنقه! فقال عبّاد : قد جعلت له الأمان ، فقال رسول الله أمسكه معك. فأوثقه رباطا (١).
وقالوا : لما سار كنانة بن أبي الحقيق في غطفان حلفوا له ، وترأّسهم عيينة بن حصن ، وهم أربعة آلاف ، ودخلوا مع اليهود في حصون النطاة ، وذلك قبل قدوم رسول الله بثلاثة ايام (٢). وسار الدليل برسول الله فسلك به بين الحياض والسرير
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٦٤٠ ، ٦٤١ وتمام الخبر : فلما دخل رسول الله خيبر عرض عليه الاسلام وقال له : اني داعيك ثلاثا فان لم تسلم لم يخرج الحبل من عنقك الا صعدا! فأسلم الرجل.
(٢) مغازي الواقدي ٢ : ٦٥٠ هذا وقد قال ابن اسحاق : بلغني أن غطفان لما سمعت بمنزل رسول الله من خيبر جمعوا له وخرجوا ليظاهروا اليهود عليه ، وساروا مرحلة فسمعوا أو أحسوا شيئا في اهليهم وأموالهم فخلّوا بين رسول الله وبين خيبر ورجعوا على أعقابهم فأقاموا في اهليهم وأموالهم. سيرة ابن هشام ٣ : ٣٤٤. ومثله في الخرائج والجرائح ١ : ١٦٤ ، الحديث ٢٥٣.