لم تجفّ بعد ، فاردد عليّ امرأتي ، فنزلت الآية التالية العاشرة في السورة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ) فاعطى رسول الله زوجها مهرها وما انفق عليها ولم يردها (١) وهذا يقتضي أن هذه الآية العاشرة في السورة كانت قد نزلت قبل الآيات التسعة السابقة بعامين تقريبا.
وروى الطوسي في «التبيان» عن عروة بن الزبير في سبب نزول الآية قال : هاجرت كلثم بنت أبي معيط مسلمة إلى المدينة ، فجاء أخواها فسألا رسول الله أن يردّها ، فنهى الله تعالى ان تردّ إلى المشركين (٢) وحكاه الطبرسي في «مجمع البيان» عن الجبّائي قال : إن رسول الله قال لهما : إن الشرط بيننا في الرجال لا في النساء. وزاد عن الزهري : اميمة بنت بشر فرّت من زوجها الكافر ثابت بن الدحداحة إلى المدينة وأسلمت ، فزوّجها رسول الله سهل بن حنيف ، فهي أمّ عبد الله بن سهل. وأروى بنت ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب زوج طلحة بن عبيد الله ، كانت كافرة فهاجر عنها طلحة ، ثم فرّت إلى رسول الله (ولم يستردّها طلحة) فزوّجها رسول الله خالد بن سعيد بن العاص بن اميّة (٣) وهذه الموارد تنسجم مع نزول الآيات متواليات.
والآية لما حكمت : (فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ) علّلت ذلك بالتالي : (لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ) ويتبعه الحكم التالي أيضا : (وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ) أي الكافرات ، وقال القمي في تفسيره : كان سبب نزول ذلك : أنّ عمر ابن الخطاب كانت عنده فاطمة بنت أبي اميّة بن المغيرة المخزومي فكرهت الإسلام
__________________
(١) مجمع البيان ٩ : ٤١٠.
(٢) التبيان ٩ : ٥٨٤.
(٣) مجمع البيان ٩ : ٤١١.