العوّام في مائتين من المسلمين. وخرج رسول الله والمسلمون عشرة آلاف ممتطين الابل يقودون الخيل ، فما حلّ النبيّ عقدة حتى انتهى إلى الصلصل (١).
روى الواقدي قال : كان قد بلغ الخبر إلى عيينة بن الحصن بنجد : أن العرب قد تجمّعت إلى رسول الله يريدون وجها. فخرج عيينة في نفر من قومه حتى قدم المدينة بعد خروج رسول الله بيومين ، فسلك ركوبة فسبقه إلى العرج. فلما نزل رسول الله العرج جاءه عيينة فقال له : يا رسول الله بلغني أن الناس يجتمعون إليك وأنك تريد الخروج ، ولم أشعر فأجمع قومي فتكون لنا جلبة كثيرة ، وأقبلت سريعا.
ولست أرى هيئة حرب : لا ألوية ولا رايات! فالعمرة تريد؟ فلا أرى هيئة إحرام ، فأين وجهك يا رسول الله؟ قال : حيث يشاء الله.
هذا والناس كذلك لا يدرون أين توجّه رسول الله إلى قريش أو إلى هوازن أو إلى ثقيف؟ فهم يحبّون أن يعلموا. وكان كعب بن مالك الأنصاري أحد شاعري النبيّ ، فقال لأصحابه : سآتي رسول الله فأعلم لكم وجهته. ثم مشى حتى جثا على ركبتيه بين يديه فقال :
قضينا من تهامة كلّ ريب |
|
وخيبر ، ثم أجممنا السيوفا (٢) |
نسائلها ، ولو نطقت لقالت : |
|
قواطعهنّ : دوسا أو ثقيفا |
فلست لحاضر إن لم تروها |
|
بساحة داركم منها الوفا |
فننتزع الخيام ببطن وجّ (٣) |
|
ونترك دورهم منها خلوفا (٤) |
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٨٠٠ ، ٨٠١ والصلصل على سبعة أميال ـ ١٤ كم. وفاء الوفاء ٢ : ٣٣٦ ، ولم يذكر هنا ما رواه في خروج الرسول إلى بدر في شهر رمضان وافطاره في بيوت السقيا قرب المدينة ، وانما يروي الإفطار هنا قبل مكة بمرحلتين ، كما يأتي.
(٢) أجممنا : أرحنا.
(٣) وجّ : اسم موضع قرب مكة.
(٤) خلوفا : خالية.