الله صلىاللهعليهوآله بعد فتح مكة وهو بالأبطح ، فلما دخلت عليه وانتسبت له عرفها رسول الله ، وكان معها جراب فيه أقط (١) وزقّ فيه سمن فقدمتها له هدية إليه ، فدعاها رسول الله إلى الإسلام فأسلمت ، فأمر بقبول هديتها ، ثم جعل يسائلها عن حليمة فأخبرته أنها توفيت من زمان ، فذرفت عينا رسول الله صلىاللهعليهوآله ثم سألها عمّن بقي منهم فقالت : أخواك واختاك ، ولقد كان لهم موئل (ملجأ) فذهب فهم والله محتاجون إلى صلتك وبرّك. فأمر لها رسول الله بكسوة وجمل ومائتي درهم ، فانصرفت وهي تقول : والله نعم المكفول كنت صغيرا ونعم المرء كنت كبيرا عظيم البركة! (٢).
وروى الواقدي بسنده عن ابن عباس قال : قدم صديق لرسول الله صلىاللهعليهوآله عليه من ثقيف بعد فتح مكة ومعه راوية خمر قدّمها هدية لرسول الله! فقال له رسول الله : أما علمت أنّ الله حرّمها؟! فسارّ الرجل غلامه فقال له رسول الله : بم أمرته؟ قال : ببيعها! فقال : إنّ الله الذي حرّم شربها حرّم بيعها. ففرّغوها في البطحاء.
وروى عن الزهري أنّه صلىاللهعليهوآله نهى بعد الفتح عن ثمن الخمر وثمن الأصنام وثمن الميتة وثمن الخنزير ، وحلوان الكهّان (٣) وأنه قال : لا يزيد الإسلام حلف الجاهلية إلّا شدة (ولكن) لا حلف في الإسلام (٤).
__________________
(١) الأقط : لبن مجفّف على شكل كريات مدوّرة يستعمل في الطبخ وغيره.
(٢) مغازي الواقدي ٢ : ٨٦٩.
(٣) مغازي الواقدي ٢ : ٨٦٤ وزاد عن الزهري : أنّه يومئذ حرّم متعة النساء! فكأنّها كانت كسوابقها مورد ابتلاء شائع في أهل مكة! والحلوان : الحلاوة.
(٤) مغازي الواقدي بسنده عن ربيعة بن عبّاد ٢ : ٨٦٧ ، ولعله يشير إلى مثل حلف الفضول ، كما مرّ الكلام فيه.