فتح مكة ، وحضر معهم في حنين فاسر ، فأقبل عمر على رجل من الأنصار ، وقال له : عدوّ الله الذي كان عينا علينا ها هو أسير فاقتله! فقتله الأنصاري. فبلغ ذلك النبيّ صلىاللهعليهوآله فكرهه وقال : ألم آمركم أن لا تقتلوا أسيرا؟!
ومع ذلك بلغه بعد ذلك أنهم قتلوا أسيرا آخر هو جميل بن معمر بن زهير! فغضب صلىاللهعليهوآله وبعث إليهم يقول لهم : ما حملكم على قتله وقد جاءكم أن لا تقتلوا أسيرا؟! فقالوا : انما قتلنا بقول عمر! فلم يصفح عنه حتى تشفّع فيه عمير بن وهب (١).
ومرّ أنه صلىاللهعليهوآله نهى عن قتل الوليد والمرأة والعسيف ، وهو الشيخ الفاني وأنه الآن أمر بالكف عن قتلهم ، وكفّ المسلمون عن تتبّع من سلك الثنايا إلّا بعض بني سليم فانهم تعقّبوا بني عنزة من ثقيف وقد توجّهوا نحو ثنيّة نخلة ، ومعهم شيخهم دريد بن الصّمة.
قال ابن اسحاق : فادرك ربيعة بن رفيع السلمي دريد بن الصّمة (في وادي سميرة) على جمل في مركب دون الهودج فهو يظن أنها امرأة يريد أسرها ، فأناخ الجمل فإذا هو شيخ كبير ابن مائة وستين سنة وهو لا يعرفه ، فرفع سيفه وضربه به فلم يفعل شيئا ، فقال له : بئس ما سلّحتك به امّك! خذ سيفي من وراء الرّحل في الشجار (الهودج) واضرب به فوق الطعام ودون الدّماغ ، فإذا ذهبت إلى امّك فأخبرها أنك قتلت دريد بن الصّمة. فضربه بسيفه فقتله (٢) مع أنه كان أسيرا أو مستأسرا وعسيفا أي شيخا فانيا (٣) وقد مرّ أنه صلىاللهعليهوآله نهى عن قتلهما.
__________________
(١) الإرشاد ١ : ١٤٤ ، ١٤٥.
(٢) ابن اسحاق في السيرة ٤ : ٩٥ ومغازي الواقدي ٢ : ٩١٤ ، ٩١٥ إلّا أنه ادّعى أنّ رسول الله بعث ذلك الخيل خلفهم.
(٣) النهاية ٣ : ٩٦.