الدنيا في عينه فقال لصاحبه : إن افتتحنا الطائف فعليك بنساء بني قارب بن الأسود ـ ومنهن الفراسيّة بنت سويد بن عمرو امرأة قارب ، والتي تشفّع لها المغيرة بن شعبة فلم تجبه ـ فانهنّ أجمل إن أمسكت ، وأكثر فداء إن فاديت! وسمعه المغيرة بن شعبة فغار لها لأنها من نساء ثقيف! وكان أبو محجن الثقفي من رماتهم على رأس الحصن يرمي بنصال طوال عريضة يقال لها المعابل لا يسقط منه سهم دون غرضه ، فأراد المغيرة أن يثير المزني على أبي محجن ، فيرميه أبو محجن فيقتله ، غيرة من المغيرة على نساء ثقيف. فنادى المزني : يا أخا مزينة! قال : لبّيك! قال : ارم ذلك الرجل ـ يعني أبا محجن ـ فرماه المزني فلم يصبه ، وفوّق له أبو محجن بمعبلة فرمى المزني في نحره فقتله.
فقال عبد الله بن عمرو المزني للمغيرة : قاتلك الله يا مغيرة! أنت عرّضته لهذا فأنت ـ والله ـ منافق ، والله لو لا الإسلام ما تركتك حتى أغتالك! إن معنا الداهية وما نشعر! وأخذ المغيرة يطلب من هذا أن يكتم ذلك عليه ، والمزني يقول : لا والله أبدا! (١).
__________________
(١) فلما ولّاه عمر الكوفة بلغه ذلك فقال : والله ما كان المغيرة بأهل أن يولّى وهذا فعله! وكأن المشكلة في فعله فقط وليس كاشفا عن نفاقه! مغازي الواقدي ٣ : ٩٣٠ وهذا مما يسوء بعض الناس ذكره ، فلم يذكره ابن هشام.
والمزني الذي أقسم أن لا يكتم هذا على المغيرة فأفشاه حتى بلغ عمر على عهده ، هل أفشى ذلك لدى النبيّ صلىاللهعليهوآله أم لا؟ لا يدرى ، ولكن إن بلغه ذلك فلعلّه لم يقتصّ للمقتول لمباشرة الكافر لقتله وعدم مباشرة المغيرة. ولعلّ أولياء المقتول لم يطالبوا بشيء لأنه كان قد هاجر إلى امرأة يصيبها ومنّى الرجال بها ، مما يحملهم على الحياء من ذلك فالسكوت والكتمان. ومع كلّ هذا زعموا عدالتهم جميعا!