آدم ، بين عينيه أثر السجود ، فسلّم ـ ولم يخصّ النبيّ صلىاللهعليهوآله بالسلام ـ ثم قال : قد رأيتك وما صنعت في هذه الغنائم! فقال صلىاللهعليهوآله : وكيف رأيت؟ قال : لم أرك عدلت!
فغضب رسول الله صلىاللهعليهوآله وقال : ويلك! إذا لم يكن العدل عندي فعند من يكون؟!
فقال المسلمون : ألا نقتله؟! فقال : دعوه ، سيكون له أتباع يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرّمية ، يقتلهم الله على يد أحبّ الخلق إليه بعدي (١).
وروى ابن اسحاق عن أبي جعفر محمد الباقر عليهالسلام ، وعن محمد بن عمّار بن ياسر ، عن عبد الله بن عمرو بن العاص السهمي : أن الرجل من بني تميم يقال له ذو الخويصرة ، وأنّ عمر بن الخطّاب قال : يا رسول الله ألا أقتله؟! فقال : لا ، دعه ، فانّه سيكون له شيعة يتعمّقون في الدين حتى يخرجوا منه ، كما يخرج السهم من الرّميّة ، ينظر في النصل فلا يوجد شيء ، ثم في القدح فلا يوجد شيء ، ثم في الفوق (أسفل السهم) فلا يوجد شيء ، سبق الفرث والدم! (٢) ولم يرو الذيل.
وروى الواقدي عن أبي سعيد (عقيصا أو الخدري) عن علي عليهالسلام قال : جلس رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم وفي ثوب بلال فضة يقبضها للناس على ما يراه ، فأتاه ذو الخويصرة التميمي فقال : اعدل ، يا رسول الله! فقال رسول الله : ويلك! فمن يعدل إذا لم أعدل؟! فقال عمر : يا رسول الله ، ائذن لي أن أضرب عنقه! فقال صلىاللهعليهوآله : دعه ، فانّ له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ، يقرءون القرآن لا يتجاوز تراقيهم. يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرّمية ، ينظر الرامي في قذذه (ريشه) فلا يرى شيئا ، ثم ينظر في
__________________
(١) الإرشاد ١ : ١٤٨ ، ١٤٩.
(٢) ابن اسحاق في السيرة ٤ : ١٣٩.