فقدم عشرة من رؤسائهم منهم : الأقرع بن حابس التميمي ، والزّبرقان بن بدر (١) ، والعطارد بن حاجب ، وقيس بن الحارث ورياح بن الحارث بن مجاشع ، وعمرو بن الأهتم ، وقيس بن عاصم ، ونعيم بن سعد. فدخلوا المسجد قبل الظهر وسألوا عن سبيهم فاخبروا بهم أنهم في دار رملة بنت الحارث ، فأتوهم فبكى النساء والأولاد ، فرجعوا إلى المسجد وقد أذّن بلال بأذان الظهر الأول ، ورسول الله يومئذ في بيت عائشة والناس ينتظرون خروج رسول الله ، فتعجّلوا خروجه فنادوا : يا محمد! اخرج إلينا! فقام إليهم بلال وقال : إنّ رسول الله يخرج الآن! فخرج رسول الله ، وأقام بلال للصلاة ، وهم تعلّقوا به يقولون : أتيناك بخطيبنا وشاعرنا فاسمع منّا! فتبسّم لهم النبيّ (٢) ثم مضى فصلّى بالناس الظهر ، ثم انصرف إلى بيته ثم خرج فجلس في صحن المجلس ، فأقبلوا عليه وقدّموا عطارد بن حاجب خطيبهم فقام فقال :
الحمد لله الذي له الفضل علينا ، والذي جعلنا ملوكا ، وأعطانا الأموال نفعل فيها المعروف ، وجعلنا أعزّ أهل المشرق وأكثرهم مالا وعددا ، فمن مثلنا في الناس؟ ألسنا برءوس الناس وذوي فضلهم؟ فمن يفاخر فليعدد مثل ما عددنا ، ولو شئنا لأكثرنا من الكلام ولكنّا نستحي من الإكثار فيما أعطانا الله. أقول قولي هذا لأن يؤتى بقول هو أفضل من قولنا. وجلس. فالتفت رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى ثابت بن قيس ـ وكان من أجهر الناس صوتا ـ فقال له : قم فأجب خطيبهم.
فقام ثابت فقال ارتجالا : الحمد لله الذي السموات والأرض خلقه ، قضى فيها أمره ، ووسع كلّ شيء علمه ، فلم يك شيء إلّا من فضله. ثم كان مما قدّر الله أن
__________________
(١) اسمه : الحصين بن بدر والزّبرقان لقبه بمعنى القمر ، لجماله.
(٢) أو قال لهم : ما بالشعر بعثت ، ولا بالفخار امرت ، ولكن هاتوا. كما في أسباب النزول للواحدي : ٣٢٥ عن جابر الأنصاري.