له : من أخبرك؟ قال : نبّأني العليم الخبير. ثمّ آلى رسول الله من نسائه شهرا ، فأنزل الله تعالى : (إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ ...)(١).
وعن ابن عباس أيضا عن «الدرّ المنثور» عن ابن سعد في «الطبقات» قال : كانت حفصة وعائشة متحابّتين ، فذهبت حفصة إلى بيت أبيها تحدث عهدا به ، فأرسل النبيّ إلى جاريته (مارية) فظلّت معه في بيت حفصة. وكان اليوم الذي يأتي فيه عائشة. ورجعت حفصة فوجدتهما في بيتها فغارت غيرة شديدة! وجلست تنتظر خروجها ، وأخرجها النبيّ ، فدخلت عليه حفصة فقالت له : قد رأيت من كان عندك! والله لقد سوّأتني! فقال لها النبيّ : والله لارضينّك! وإنّي مسرّ إليك سرّا فاحفظيه! قالت : ما هو؟ قال : إنّي اشهدك أنّ سريّتي هذه حرام عليّ ، رضا لك!
فانطلقت حفصة إلى عائشة فأسرّت إليها : أن ابشري! فإنّ النبيّ قد حرّم عليه فتاته! فلمّا أخبرت بسرّ النبيّ أظهره الله عليه إذ أنزل عليه : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ ...).
وإذا كانت هذه الأخبار عن ابن عباس تكتفي من الحديث الذي أسرّ النبيّ به إلى بعض أزواجه بتحريم مارية القبطيّة فقط ... فقد روى في «الدرّ المنثور» أيضا عن «معجم الطبراني» عنه قال : دخلت حفصة على النبيّ في بيتها وهو (مع) مارية ، فقال لها رسول الله : لا تخبري عائشة حتّى ابشّرك بشارة ، فإنّ أباك يلي الأمر بعد أبي بكر إذا أنا متّ! فذهبت حفصة فأخبرت عائشة. فجاءت عائشة وقالت للنبيّ : من أنبأك هذا؟ قال : نبّأني العليم الخبير. فقالت عائشة : فإنّي لا أنظر إليك حتّى تحرّم مارية! فحرّمها. فأنزل الله : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ)(٢).
__________________
(١) أسباب النزول للواحدي : ٣٦٩.
(٢) الدرّ المنثور ، كما في الميزان ١٩ : ٣٣٨.