وقال الطبرسي : ذلك ان الرجل من هؤلاء اذا هاجر وقد سبقه الناس بالهجرة وفقهوا في الدين ، هم ان يعاقب زوجته وولده الذين ثبّطوه عن الهجرة فلا ينفق عليهم إذا لحقوا به بدار الهجرة ، فأمرهم الله سبحانه بالعفو والصفح (١).
والآية التالية الخامسة عشرة فيها قوله سبحانه : (أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ) قال الطبرسي : هو الجنة ، يعني : فلا تعصوه بسبب الأموال والأولاد ولا تؤثروهم على ما عند الله من الأجر والذخر (٢).
وليست كل فتنة مضلّة لكل أحد ، فقد روى الرضي في «نهج البلاغة» عن علي عليهالسلام كان يقول : لا يقولن أحدكم : اللهم اني أعوذ بك من الفتنة ؛ لأنّه ليس أحد إلّا وهو مشتمل على فتنة ، فان الله سبحانه يقول : (وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) فمن استعاذ فليستعذ من مضلّات الفتن (٣).
إذن فالولد فتنة وليست كل فتنة مضلة لكل أحد ، ومن هذا ما رواه الطبرسي هنا عن بريدة الأسلمي قال : كان رسول الله يخطب فجاء الحسنان عليهماالسلام وعليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران ، فنزل رسول الله إليهما وأخذهما الى المنبر فوضعهما في حجره وقال : صدق الله عزوجل : (أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ) نظرت الى هذين الصبيّين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما ، ثم أخذ في خطبته (٤) فالحديث بعد نزول السورة والآية في التاسعة للهجرة
__________________
(١) مجمع البيان ١٠ : ٤٥٢.
(٢) مجمع البيان ١٠ : ٤٥٣.
(٣) نهج البلاغة : الحكمة : ٩٣ وروى الطبرسي مثله عن ابن مسعود ، مجمع البيان ١٠ : ٤٥٢.
(٤) مجمع البيان ١٠ : ٤٥٣. ورواه الحلبي في مناقب آل أبي طالب ٣ : ٣٨٥ عن جامع الترمذي وفضائل ابن حنبل وفضائل السمعاني والواحدي في الوسيط والثعلبي في