فاقبلوا حتى انتهوا الى حيّهم وهم نيام ، فكبّروا وشنوا عليهم الغارة ، فخرج إليهم رجالهم فاقتتلوا قتالا شديدا حتى كثر الجراح في الفريقين ، وأصبح الصباح ، وجاء عدد كثير منهم مددا لهم ولكن أتى سيل فحال بينهم فما استطاعوا أن يصلوا إليهم ، وحتى انتهوا منهم ، وأقبلوا بنسائهم وأنعامهم الى المدينة ، فأخرجوا خمس ما غنموا ، فكان سهم كل رجل منهم أربعة أغنام.
وكانت كعبتهم كعبة اليمامة لهم فيها صنم يسمّى ذا الخلصة ، وهي تسمية يمنيّة إذ هم يمنيّون من كهلان ، ويبدو أنهم بعد هذه الغزوة تقدّم منهم عميس بن عمرو بوفد الى المدينة فأسلموا ، واستكتبوا رسول الله صلىاللهعليهوآله فأمر به فكتب لهم ، وكأنه يبدو من الكتاب أسباب غزوهم أنهم كانوا ذوي إغارة وقتل وحيث قد بدأ النبي بأخذ الزكاة شرح لهم في كتابهم زكاة زروعهم ، قال : «... هذا كتاب من محمّد رسول الله لخثعم من حاضر بيشة وباديتها (١) : انّ كل دم أصبتموه في الجاهلية فهو موضوع عنكم ، ومن أسلم منكم طوعا أو كرها في يده حرث ، من خبار أو عزاز (٢) تسقيه السماء أو يرويه اللثى (٣) فزكا عمارة (٤) في غير أزمة ولا حطمة (٥) فله نشره وأكله (٦)
__________________
(١) كانت خثعم يومئذ ما بين بيشة وتربة وظهر تبالة على طريق الحج من اليمن الى الطائف فمكة ، وبعد فتح مكة انتشروا في الآفاق ولم يبق منهم في مواطنهم إلّا قليل. وترى بيشة في خريطة السعودية من توابع مكة قرب وادي تبالة ، وفيها قرية تبالة ومنازل خثعم حواليها الى شيمران الى الأصفر.
(٢) خبار : الارض الليّنة ، والعزاز بالعكس.
(٣) اللثى : الندى.
(٤) أي عمر وطاب.
(٥) الأزمة : المشكلة ، والحطمة : السنة المجدبة.
(٦) نشره : حصاده ودوسه وتصفيته وتفريقه.