وقال القمي في تفسيره : إن الأنباط الشاميين كانوا يقدمون المدينة معهم الطعام والثياب والبسط ، فأشاعوا بالمدينة : أن هرقل الروم قد سار في جنود اجتمعوا في عسكر عظيم يريدون غزو رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ورحلت معهم من عرب الشام غسان وجذام وبهراء وعاملة ، وقد نزل هرقل في حمص وقدم عساكره الى بلاد البلقاء وفيها قلعة تبوك (١).
وقال الواقدي : وانما كان ذلك مما قيل لهم فقالوه من دون أن يكون شيء منه! وكان صلىاللهعليهوآله اذا أراد غزوة قبل هذه يورّي بغيرها حتى لا يبلغ الخبر المقصد حتى يفاجئه بغير اعداد منهم ، حتى كانت هذه الغزوة فما ورّى لها ، بل كاشف الناس بها منذ البداية وأخبرهم بالوجه الذي يريد ، ليتأهّبوا لها اهبتهم.
وبعث الى مكة والى القبائل يستنفرهم :
فبعث بريدة بن الحصيب الى قبائل أسلم حتى موضع الفرع.
وأمر أبا رهم الغفاري أن يطلب قومه الى بلادهم فيبلّغهم.
وبعث أبا واقد الليثي الى قومه بني ليث.
وبعث ابا الجعد الضّمري الى قومه بني ضمرة بالساحل.
__________________
(١) تفسير القمي ١ : ٢٩٠. وأعرض المفيد في الارشاد ١ : ١٥٤ عن هذا وقال : بأن الله هو أوحى الى نبيه صلىاللهعليهوآله أن يستنفر الناس للخروج الى تبوك ، وأعلمه أنه لا يحتاج فيها الى حرب ولا يمنى بقتال عدوّ فيه ، بل إن الامور تنقاد له بغير سيف. وأفاد دليله على قوله هذا بقوله : ولو علم الله تعالى أن بنبيه عليهالسلام في هذه الغزاة حاجة الى الحرب والأنصار لما اذن له في تخليف أمير المؤمنين عليهالسلام عنه ١ : ١٥٨ وعن الغاية من هذا الخروج قال : تعبده الله بامتحان أصحابه واختبارهم بالخروج معه لتظهر سرائرهم فيتميزوا بذلك ١ : ١٥٤. ولا منافاة بين الطريقين العادي والغيبي ، والجمع أولى.