٣ ـ ويخلون بين رسول الله وبين ما كان لهم من أرض أو مال من ذهب أو فضة أو سلاح أو ثياب ، إلّا الثياب التي عليهم.
فصالحه رسول الله على ذلك (١) ، وأرسل إلى الأموال فقبضها الأول فالأول ، وبعث إلى المتاع والسلاح فقبضها. فوجد ألف رمح ، وخمسمائة قوس عربية بجعابها ، وأربعمائة سيف ، ومائة درع.
لما انتصر رسول الله على حصون النطاة كان ابن أبي الحقيق أخذه الرعب فأيقن بالهلكة ، فذهب ليلا بجلد جمل فيه حليّهم إلى خربة في حصن الكتيبة بحيث لا يراه أحد فحفر فيها ودفنها وسوى عليها التراب. فسأل رسول الله كنانة بن أبي الحقيق عن كنزهم الذي كانوا يعرفون به ، وحليّ كانت في جلد جمل كانوا يعيرونها للأعراس بمكة! فقال : يا ابا القاسم ، لقد كنا نرفعه لمثل هذا اليوم أما اليوم فقد انفقناه في حربنا فلم تبق الحرب واستنصار الرجال من ذلك شيئا. وحلف على ذلك. فقال رسول الله : برئت منك ذمّة الله وذمّة رسوله إن كان عندكم! قال : نعم!
ثم قال النبيّ : وكل ما أخذت من أموالكم وأصبت من دمائكم فهو حلّ لي ولا ذمّة لكم! قال : نعم. فقام رجل من اليهود إلى كنانة بن أبي الحقيق فقال : إن كان عندك ما يطلب منك محمد أو تعلم علمه فأعلمه ، فانّك تأمن على دمك ، وإلّا فو الله ليظهرن عليه ، وقد اطلع على غير ذلك بما لم نعلمه. فزبره ابن أبي الحقيق ، فتنحّى اليهودي فقعد.
ثم سأل رسول الله ثعلبة بن سلّام بن أبي الحقيق عن كنزهم ، وكان رجلا ضعيفا. فقال : ليس لي علم ، غير أني قد كنت أرى كنانة كل غداة يطوف بهذه الخربة واشار إلى خربة ، فإن كان شيء دفنه فهو فيها! فأرسل رسول الله الزبير بن
__________________
(١) أشار إليه الحلبي في مناقب آل أبي طالب ١ : ٢٠٤.