وروى الواقدي وبسنده عن أمّ عمارة قالت : اخرج .. شيء كثير يباع في المقسم خرز من خرز اليهود وشيء كثير من البزور .. فقيل لها : فمن كان يشتري ذلك في المقسم؟ قالت : أمّا من كان يشتري من المسلمين فانّما كان يحاسب بما يصيبه من المغنم ، ومن حضر من الأعراب ، واليهود الذين كانوا في الكتيبة فأمنوا (١). وقال جعفر بن محمود كان كثير من يهود الكتيبة (والوطيح وسلالم) قد غيّبوا أعيان أموالهم ونقودهم ، فلمّا أمّنهم رسول الله كانوا يقبلون فيشترون أو يبيعون ، حتى لقد أنهوا كل المغنم من كثر ما كانوا يشترون من المتاع والثياب! (٢).
ولما كان فروة يبيع المتاع يومئذ وكان يوما حارا فأخذ عصابة عصب بها رأسه ليستظلّ بها من الشمس ، ثم رجع وهي عليه فذكر فخرج فطرحها وأخبر بها رسول الله فقال : عصابة من نار عصبت بها رأسك؟ وسأل رجل رسول الله يومئذ من الفيء شيئا فقال رسول الله : لا يحلّ لي من الفيء خيط ولا مخيط ، لا آخذ ولا اعطي. وسأله رجل عقالا فقال رسول الله : حتى نقسم الغنائم ثم اعطيك عقالا ، وإن شئت مرارا (حبلا) (٣).
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ٦٦٥.
(٢) مغازي الواقدي ٢ : ٦٦٩ ، ٦٧٠.
(٣) إلّا أنّ ابن اسحاق روى في السيرة عن عبد الله بن المغفّل المزني قال : أصبت من فيء خيبر جرابا فيه شحم ، فاحتملته على عاتقي إلى أصحابي في رحلي ، فلقيني الذي جعل على المغانم (لعله فروة بن عمرو) فأخذ بناحيته وقال : هلمّ هذا نقسمه بين المسلمين ، فقلت : لا والله لا أعطيكه ، فجعل يجاذبني الجراب فرآنا رسول الله ونحن نصنع ذلك فتبسّم رسول الله ثم قال لصاحب المغانم : لا أبا لك خلّ بينه وبينه ٣ : ٣٥٤ فلعل الفارق أنّ هذا كان شحما والفصل صيف حارّ يفسد فيه مثل الشحم ، وهو محدود لا يمكن تقسيمه بين المسلمين.