وحده! فكرّر القول : يا محمّد ، خالني وأخذ ينظر الى أربد بن قيس (أخي لبيد بن ربيعة لامّه) كأنه ينتظر منه شيئا أمره به ، وأربد لا يفعل شيئا. ورسول الله يقول : لا ، حتى تؤمن بالله وحده لا شريك له! فقام عامر وولى وقال : أما والله لأملأنّها عليك خيلا ورجالا! فقال النبي : اللهم اكفني عامر بن الطفيل (١) اللهم أبدلني بهما فارسي العرب (٢).
ولما خرجوا من عنده صلىاللهعليهوآله قال عامر لأربد : والله ما كان على ظهر الأرض رجل هو أخوف عندي على نفسي منك ، وايم الله لا أخافك بعد اليوم أبدا! فأين ما كنت أمرتك به؟! قال أربد : لا أبا لك! لا تعجل عليّ ، والله ما هممت بالذي أمرتني به من أمره الّا دخلت بيني وبين الرجل حتى ما أرى غيرك أفأضربك بالسيف؟!
وقال له قومه : يا عامر ، أسلم فقد أسلم الناس! فقال : والله لقد كنت آليت أن لا أنتهي حتى تتبع العرب عقبي! أفأنا أتبع عقب هذا الفتى من قريش؟!
فخرجوا راجعين الى بلادهم كما كانوا مشركين ، وفي الطريق ظهرت في عنقه غدّة كغدّة الطاعون بالبعران فلجأ الى خباء امرأة من بني سلول وهو يحتقرها ويقول : يا بني عامر! أغدّة كغدة الابل وموتا في بيت سلولية؟! حتى مات ودفنوه ، وانما بقي من رؤسائهم أربد ، فلما وصلوا الى أهلهم أتوهم وقالوا لأربد : ما وراءك يا أربد؟! فقال أربد : دعانا الى عبادة شيء لوددت أنه عندي الآن فأرميه بالنبل حتى أقتله! وخرج بعد ذلك بيوم أو يومين على جمل له فأصابته صاعقة فأحرقتهما (٣).
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة ٤ : ٢١٣ ، ٢١٤.
(٢) اعلام الورى ١ : ٢٥١.
(٣) ابن اسحاق في السيرة ٤ : ٢١٥.