وقالوا : مرض عبد الله بن أبي في ليال بقين من شوّال ، ومرض عشرين ليلة ، وحضره الموت في ذي القعدة (أي متزامنا مع نزول سورة التوبة بتوبة الثلاثة).
وعاده النبي قبل موته ، فقال له ابن ابي : يا رسول الله ، هو الموت ، فإن متّ فاحضر غسلي ، واعطني قميصك اكفّن فيه! وكان عليه صلىاللهعليهوآله قميصان فأعطاه الاعلى ، فقال ابي : بل الذي يلي جلدك! فنزع قميصه الذي يلي جلده فأعطاه. فقال ابيّ : وصلّ عليّ واستغفر لي! (١).
وكأنه بهذا أراد أن يبعد عن نفسه صفة النفاق في سورة المنافقون : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ)(٢). ولم يكن صلىاللهعليهوآله منهيا عن الاستغفار لهم يومئذ ، وانما قال تعالى : (سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ)(٣).
وذهب القمي في تفسيره الى ان عبد الله بن عبد الله بن أبي لما رأى أباه يجود بنفسه جاء الى رسول الله ـ وكان مؤمنا ـ فقال : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ، انك ان لم تأت أبي كان ذلك عارا علينا. فقام إليه رسول الله حتى دخل عليه وعنده المنافقون ، فقال ابنه : يا رسول الله ، استغفر له ، فاستغفر له ... فلما مات أبوه جاء ابنه الى رسول الله فقال : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ، ان رأيت أن تحضر جنازته! فقام إليه رسول الله وحضره (وصلّى عليه) وقام على قبره (٤) بل روى العياشي في تفسيره عن الباقر عليهالسلام : انه لما توفي عبد الله بن أبي أرسل النبي الى ابنه
__________________
(١) مغازي الواقدي ٢ : ١٠٥٧.
(٢) المنافقون : ٤ والميزان ١٩ : ٣٥٥.
(٣) المنافقون : ٥. والميزان ١٩ : ٣٥٥.
(٤) تفسير القمي ١ : ٣٠٢.