وكأنّما الآية التالية ١٢٣ : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قاتِلُوا) توجيه لهذا الحشد الشديد والأكيد لما ذا؟ تقول : (وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً) ومن الغلظة أن يكون الكمّ غليظا هائلا.
وفي الآيتين التاليتين : ١٢٤ و ١٢٥ اشارة الى مدى تأثير مثل هذه السورة الفاضحة في المؤمنين وفي مرضى القلوب بمرض النفاق ، فالمؤمنون يستبشرون ويزدادون ايمانا ، واما مرضى القلوب فيزدادون رجسا وكفرا حتى الموت!
وفي الآية التالية : ١٢٦ : اشارة الى أن هذه الغزوة الى تبوك كانت فتنة فتنوا وامتحنوا بها فلم يتذكّروا ولم يتوبوا ، فهم راسبون في هذا الامتحان.
وكأنّما في الآية التالية : ١٢٧ : اشارة الى علامة ذلك عند نزول هذه السورة أو أية سورة اخرى : ان قلوبهم مصروفة عن معناها فهم لا يفقهونها ، فانما يراعون أن لا يراهم أحد من المؤمنين والّا فهم ينصرفون حتى عن سماع السورة.
والعنت هو العناء الّا انه العناء الروحي والنفسي الخاص ، فكأنّما الآية التالية : ١٢٨ : توجيه لهذا الخطاب والعتاب الشديد والأكيد على المنافقين ، لما ذا؟ تقول : ان الرسول رءوف رحيم بالمؤمنين فهو يخاف عليهم منكم ، وأيضا يراكم في النفاق وهو يرى النفاق عنتا نفسيا فيعزّ عليه ذلك إذ هو حريص على ايمانكم ، فعسى أن تؤمنوا أنزلنا على لسانه كل هذا العتاب عليكم لعلّكم تهتدون.
__________________
ـ فكأنّ المعنى : دعوا هؤلاء مشتغلين بعملهم في التعليم ولا تحتجّوا بهم للتخلّف ، فما كان المؤمنون كلّهم ينفرون للغزو ، فلينفر من كل فرقة طائفة ليكونوا مع النبي فيتفقّهوا في دينهم منه ، فاذا رجعوا إليهم يبلّغونهم ذلك ، فمن النفر ما يكون للتفقّه لا للغزو ، فليتفقّه هؤلاء وليفقّه اولئك ، ولا تحتجوا بتخلّفهم ولستم مشتغلين بالتعليم والتفقيه.