وقال الطوسي : قيل : لقد همّ كثير منهم بالرجوع من شدة ما لحقهم ، بل قيل : بعد ما كاد يشك جماعة منهم في دينه ، ثم تابوا فتاب الله عليهم ، وذكر خبر أبي خيثمة الأنصاري وزوجتيه كمصداق لهم ثم قال : فهو ممن زاغ قلبه للمقام ثم ثبّته الله فتاب فتاب الله عليه (١).
وفي الآية ١١٨ : أضاف الى من تاب عليهم من المهاجرين والأنصار ممن كاد يزيغ قلبه ، أضاف إليهم الثلاثة الذين خلّفوا ، فان كانوا هم المرجون سابقا لأمر الله إما يعذّبهم واما يتوب عليهم في الآية : ١٠٦ فهنا تاب الله عليهم ، وعليه فلا بدّ من القول بالفصل نزولا بين الآيتين ، ولعلّه بالخمسين يوما أو أقلّ من ذلك كما مرّ.
وفي الآية ١٢٢ : (وَما كانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ).
نقل الطوسي عن الواقدي قال : ان قوما من خيار المسلمين كانوا قد خرجوا الى البدو يفقّهون قومهم ، فالمنافقون احتجوا بهم في تأخرهم عن تبوك ، فنزلت هذه الآية جوابا لهم ... يعني كيف يكون لهؤلاء حجة باولئك في تأخّرهم في البادية وهم مؤمنون مستجيبون وهؤلاء منافقون مدهنون؟! (٢).
وكأن الطبرسي لم يرتضه فاستبدل عنه برواية عن مجاهد قال : كان اناس من أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوآله قد خرجوا الى البوادي يدعون من يجدون من الناس الى الهدى ، فأصابوا من الناس معروفا وخصوصية ، ولكن قيل لهم : ما نراكم الّا وقد تركتم صاحبكم وجئتمونا [فرارا من النفر معه] فتحرّجوا من ذلك ورجعوا إليه صلىاللهعليهوآله ، فأنزل الله هذه الآية (٣) جوابا لهم.
__________________
(١) التبيان ٥ : ٣١٥ وعنه في مجمع البيان ٥ : ١١٩ ، ١٢٠.
(٢) التبيان ٥ : ٣٢٣ وليس في المغازي.
(٣) مجمع البيان ٥ : ١٢٦ والخبران كما ترون في التعليم وليس في التعلّم والتفقّه ،