عن الفراء عن زيد بن أسلم وسعيد بن جبير وقتادة والضحاك عن ابن عباس : أن هؤلاء الذين تابوا وأقلعوا قالوا للرسول : خذ من أموالنا ما تريد. فقال رسول الله : لا أفعل حتى يؤذن لي فيه. حتى أنزل الله بعد هذه الآية : (خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ) : ١٠٣ (١) وكأن هذا الأمر بالصلاة عليهم في موقع الحظر بإزاء النهي السابق : (وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً) : ٨٤ والّا فهو الى الترحيب والتشريف أقرب منه الى الوجوب والتكليف.
وحيث عرّجت هذه الآية على المعترفين بذنوبهم والمقدّمين لصدقاتهم كفّارة لذنوبهم ، عرّجت الآية : ١٠٦ على المرجون منهم لأمر الله ، فنقل الطوسي عن قتادة ومجاهد انها بشأن الثلاثة المتخلّفين كما مر خبرهم (٢).
وفي الآية : ١٠٧ ـ ١١٠ بشأن مسجد الضرار ، ولا خلاف في أنه أرسل لتحريقه وتهديمه من منزل ذي أوان قبل المدينة ، ولم يدع أحد يعتدّ به ان ذلك كان بنزول هذه الآيات ، انما كان بأمره صلىاللهعليهوآله ثم نزلت السورة وهذه الآيات بفاصل زمني معتدّ به أي نحو شهرين منذ ذلك الحين ، تأييدا له ، ككثير من سائر الموارد ، وقد مرّ خبره.
وعادت الآيتان : ١١٣ و ١١٤ على استغفار النبي والمؤمنين لقرباهم وغيرهم من المشركين ومناسبتها الواضحة التنبيه على النهي السابق وتقويته وتأكيده وتثبيته ودفع ما يوهم خلافه أو رفعه.
وفي الآية ١١٧ : (لَقَدْ تابَ اللهُ عَلَى ...) اشارة الى ان فريقا من المهاجرين والأنصار كاد يزيغ قلوبهم على أثر عسر السفرة الى غزوة تبوك ، ولم تزغ قلوبهم حيث اتّبعوا نبيهم ولم يتّبعوا أهواء قلوبهم في الاستراحة عن العسرة.
__________________
(١) التبيان ٥ : ٢٩٢ و ٢٩٣ وعنه في مجمع البيان ٥ : ١٠٢ و ١٠٣ ولم يرتضه.
(٢) التبيان ٥ : ٢٩٦ وعنه في مجمع البيان ٥ : ١٠٤.