فقبض بعد ثلاث. فكان النبي إذا رأى الحسين مقبلا قبّله وضمّه الى صدره ورشف ثناياه وقال : فديت من فديته بابني إبراهيم (١).
وروى البرقي في «المحاسن» بسنده عن الكاظم عليهالسلام قال : لما قبض إبراهيم ابن رسول الله صلىاللهعليهوآله جرت في موته ثلاث سنين :
أما واحدة : أن الشمس انكسفت فقال الناس : إنّما انكسفت الشمس لموت ابن رسول الله! فصعد رسول الله المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : أيّها الناس إنّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره مطيعان له ، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا انكسفا أو أحدهما صلّوا (٢).
قال : ثم نزل من المنبر فصلّى بالناس الكسوف.
فلما سلّم (٣) قال : يا علي ، قم فجهّز ابني. فقام علي فغسّل إبراهيم وحنّطه وكفّنه ، ومضى رسول الله حتى انتهى به الى قبره. فقال الناس : إن رسول الله نسي أن يصلي على ابنه لما دخله من الجزع عليه!
فانتصب قائما ثم قال : إن جبرئيل أتاني وأخبرني بما قلتم : زعمتم أني نسيت أن اصلّي على ابني لما دخلني من الجزع! ألا وإنّه ليس كما ظننتم ، ولكن اللطيف الخبير فرض عليكم خمس صلوات ، وجعل لموتاكم من كل صلاة تكبيرة ، وأمرني أن لا اصلي إلّا على من صلّى.
ثم قال : يا علي انزل والحد ابني ، فنزل علي فألحد إبراهيم في لحده. فقال الناس : إنّه لا ينبغي لأحد أن ينزل في قبر ولده إذ لم يفعل رسول الله بابنه. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أيها الناس ، إنه ليس عليكم بحرام أن تنزلوا في قبور أولادكم ،
__________________
(١) مناقب آل أبي طالب ٤ : ٨٨ ، ٨٩ ، ط. بيروت.
(٢) المحاسن ٢ : ٢٩ ـ ٣١ وفي فروع الكافي ٣ : ٢٠٨.
(٣) وهو تاريخ تشريع صلاة الآيات وفوريتها.