فلما ظهر علي عليهالسلام على عدوّه ودخلوا في الإسلام ، جمع ما غنم منهم وأضافه الى بريدة بن الحصيب ، وأقام بين أظهرهم ، وكتب الى رسول الله كتابا يخبره فيه : أنّه لقي جمعا من زبيد وغيرهم ، فدعاهم الى الاسلام وأعلمهم أنّهم إن أسلموا كفّ عنهم ، فأبوا ذلك ، فقاتلهم «فرزقني الله الظفر عليهم حتى قتل من قتل منهم ثم أجابوا الى ما كان عرض عليهم فدخلوا في الإسلام ، وأطاعوا بالصدقة ، وأتى بشر منهم فعلّمتهم قراءة القرآن» وبعث به إليه مع عبد الله بن عمرو المزني.
ورجع عبد الله المزني إليه بأمره صلىاللهعليهوآله إيّاه أن يوافيه في الموسم (١).
وكان من قبله من امراء العساكر ينفّلون أصحابهم ويعطونهم من الخمس ، فلما يخبرون النبي صلىاللهعليهوآله بذلك لا يستردّه منهم ، فطلبوا مثل ذلك من علي عليهالسلام فأبى وقال : الخمس أحمله الى رسول الله وهذا هو يوافي الموسم ونلقاه ، فيصنع فيها ما أراه الله. وجمع عليهالسلام ما أصاب من تلك الغنائم فجزأها خمسة أجزاء فأقرع عليها وكتب في سهم منها : لله ، فخرج أول السهام سهم الخمس (٢).
وروى الواقدي عن أبي سعيد الخدري أنّه كان مع علي عليهالسلام باليمن فقال : كان يأخذ الصدقات يأمر من يسعى بذلك عليهم ، وكان يأتيهم في أفنيتهم ، وكان يقعد فما اتي به من شاة فيها وفاء له أخذه ، ولا يفرّق الماشية ولا يكلّف الناس مشقّة ، فيأخذ البعير من الابل ، والبقرة من البقر ، والشاة من الغنم ، والزبيب من الزبيب ، والحبّ من الحبّ ، ويقسّمه على فقرائهم من هاهنا وهاهنا ، يعرفهم.
__________________
(١) المصدر السابق ٢ : ١٠٨١ ، ١٠٨٢. وفيه أن كعب الأحبار لما بلغه قدوم علي عليهالسلام الى اليمن أقبل إليه فوافاه وسمع بعض خطبه فصدّقه ، ثم استخبره عن صفة النبيّ فأخبره فتبسّم وقال : يوافق ما عندنا من صفته ، ثم سأله عمّا يحلّ ويحرّم ، فأخبره فقال : هو عندنا كما وصفت ، وصدّق به وآمن.
(٢) مغازي الواقدي ٢ : ١٠٨٠.