بعث معاذ الى اليمن :
كان بنو سلمة من الخزرج بالمدينة من السابقين الأولين من المسلمين بها ، منهم معاذ بن جبل ، ولأول مرة نواجه اسمه مع ابن عمه معاذ بن عمرو بن الجموح من فتيان بني سلمة ممن أسلم وشهد العقبة كانوا يدلجون بالليل على صنم عمرو فيحملونه فيطرحونه في بعض حفر بني سلمة منكّسا على رأسه (١).
وآخر عهدنا به مرّ في الخبر : أنّه صلىاللهعليهوآله خلّف أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل السلمي يعلّمان الناس القرآن وفقه الدين. ويبدو أنّه انتدب لدعوة النبي مع مسلمي أهل مكة الى حرب تبوك عمّه العباس بن عبد المطلب ، كما مرّ ، فهو حاضر في أخبار تبوك.
وذكر ابن اسحاق : أن رسول الله صلىاللهعليهوآله أرسل الى زرعة ذي يزن في اليمن : «... أما بعد ، فان محمدا يشهد أن لا إله إلّا الله ، وأنّه عبده ورسوله. ثم إن مالك بن مرّة الرهاوي قد حفظ الغيب وبلغ الخبر ... وقد حدّثني أنّك أول حمير أسلمت وقتلت المشركين ، فأبشر بخير ، وآمرك بحمير خيرا ، ولا تخونوا ولا تخاذلوا ، فإنّ رسول الله هو ولي غنيّكم وفقيركم ... وإني قد أرسلت إليكم من صالحي أهلي واولي دينهم واولي علمهم ، فآمرك بهم خيرا فإنهم منظور إليهم ... فاوصيكم بهم خيرا : عبد الله بن زيد ، ومالك بن عبادة ، وعقبة بن نمر ، ومالك بن مرّة ... وإن أميرهم معاذ بن جبل فلا ينقلبنّ إلّا راضيا ... وأن اجمعوا ما عندكم من الصدقة والجزية من مخالفيكم وأبلغوها رسلي ... وإن الصدقة لا تحلّ لمحمد ولا لأهل بيته ، إنّما هي زكاة يزكّى بها على فقراء المسلمين وابن السبيل» (٢).
__________________
(١) ابن اسحاق في السيرة ٢ : ٩٥.
(٢) ابن اسحاق في السيرة ٤ : ٢٣٦ و ٢٣٧.