وليكن أكثر همّك الصلاة فانّها رأس الإسلام بعد الاقرار بالدين ، وذكّر الناس بالله واليوم الآخر. واتبع الموعظة فانّه أقوى لهم على العمل بما يحبّ الله. ثم بثّ فيهم المعلمين ، واعبد الله الذي إليه ترجع ، ولا تخف في الله لومة لائم.
واوصيك بتقوى الله ، وصدق الحديث ، والوفاء بالعهد ، وأداء الأمانة ، وترك الخيانة ، ولين الكلام ، وبذل السلام ، وحفظ الجار ، ورحمة اليتيم ، وحسن العمل ، وقصر الأمل ، وحبّ الآخرة ، والجزع من الحساب ، ولزوم الايمان ، والفقه في القرآن ، وكظم الغيظ ، وخفض الجناح.
وإيّاك أن تشتم مسلما ، أو تطيع آثما ، أو تعصي إماما عادلا ، أو تكذّب صادقا ، أو تصدّق كاذبا. واذكر ربّك عند كل شجر وحجر ، واحدث لكل ذنب توبة : السرّ بالسرّ ، والعلانية بالعلانية.
يا معاذ ، لو لا أنني أرى أن لا نلتقي إلى يوم القيامة لقصرت في الوصية ، ولكنّني أرى أن لا نلتقي أبدا. ثم اعلم يا معاذ أن أحبّكم إليّ من يلقاني على مثل الحال التي فارقني عليها (١).
إنّك ستأتي قوما أهل كتاب ، فإذا جئتهم فادعهم الى أن يشهدوا أن لا إله إلّا الله ، وأنّ محمدا رسول الله ، فإن أطاعوا لك بذلك فأخبرهم أن الله فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فتردّ على فقرائهم ، فإن هم أطاعوا لك بذلك فإيّاك وكرائم أموالهم ، واتّق دعوة المظلوم فانه ليس بينها وبين الله حجاب (٢) وكتب له في عهده :
أن لا طلاق لامرئ فيما لا يملك ، ولا عتق فيما لا يملك ، ولا نذر في معصية ، ولا
__________________
(١) تحف العقول : ٢٥ ، ٢٦.
(٢) البداية والنهاية ٥ : ١٠٠.