والخبر كان عن ابن اسحاق وهو يقول : إن وفدهم رجع الى قومهم في أواخر شوال أو أوائل ذي القعدة للسنة العاشرة ، أي قبل حجة الوداع بقليل.
وبعد أن ولّى وفدهم بعث إليهم عمرو بن حزم الأنصاري الخزرجي من بني النجار ، ليفقّههم في الدين ، ويعلّمهم السنة ومعالم الاسلام ، ويأخذ منهم صدقاتهم.
وكتب له كتابا أمره فيه بأمره وعهد إليه فيه عهده :
«بسم الله الرحمنِ الرحيم ، هذا بيان من الله ورسوله (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(١) عهد من محمد النبي رسول الله لعمرو بن حزم حين بعثه الى اليمن : آمره بتقوى الله في أمره كلّه (إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ) وآمره أن يأخذ بالحق كما أمره الله ، وأن يبشر الناس بالخير ويأمرهم به ، ويعلّم الناس القرآن ويفقّههم فيه ، وينهى الناس أن لا يمس القرآن انسان إلّا وهو طاهر ، ويخبر الناس بالذي لهم والذي عليهم ، ويلين للناس في الحق ، ويشتدّ عليهم في الظلم ، فإن الله كره الظلم ونهى عنه فقال : (أَلا لَعْنَةُ اللهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) ويبشّر الناس بالجنة وبعملها ، وينذر الناس النار وعملها ، ويستألف الناس حتى يفقّهوا في الدين ، ويعلّم الناس معالم الحج وسنّته وفريضته وما أمر الله به ، والحج الأكبر هو الحج والحج الأصغر هو العمرة.
وينهى الناس أن يصلّي أحد في ثوب واحد صغير إلّا أن يكون ثوبا يثني طرفيه على عاتقيه ، وينهى الناس أن يحتبي أحد في ثوب واحد يفضي بفرجه الى السماء ، وينهى أن يعقص أحد شعر رأسه في قفاه.
وينهى ـ إذا كان بين الناس هيج ـ عن الدعاء الى القبائل والعشائر ، وليكن دعواهم الى الله وحده لا شريك له ، فمن لم يدع الى الله ودعا الى القبائل والعشائر فليقطفوا بالسيف حتى تكون دعواهم الى الله وحده لا شريك له.
__________________
(١) المائدة : ١ وهي كما يأتي نزلت مرة واحدة في حجة الوداع بعد هذا ، فكيف هنا؟!