وكانت قريش تفيض من طريق المزدلفة ويمنعون الناس أن يفيضوا منها ، فكانوا يرجون أن تكون إفاضته من حيث كانوا يفيضون ... وقال الله تعالى : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ)(١).
وفي خبر جابر الأنصاري : أن قريشا كانت تقف عند المشعر الحرام ولا تجوزه ، فلم تكن تشك في ذلك منه صلىاللهعليهوآله ، فأجاز رسول الله حتى أتى عرفة (٢) فلما رأت قريش أن قبّة رسول الله مضت كأنّه دخل في أنفسهم شيء من ذلك.
وانتهى النبيّ صلىاللهعليهوآله الى نمرة بحيال شجر الأراك من بطن عرنة من عرفة (٣) فوجد قبته قد ضربت هناك فنزل بها حتى زاغت الشمس.
فلمّا زاغت الشمس أمر بناقته القصواء فرحلت له (٤) فخرج وقد اغتسل (٥) فقال : أيها الناس ، إن الله باهى بكم في هذا اليوم ليغفر لكم عامة! ثمّ التفت الى علي عليهالسلام فقال : ويغفر لعلي خاصة ، ثم قال : ادن مني يا علي. ودنا منه فأخذ بيده وقال : إن السعيد كل السعيد حق السعيد من أطاعك وتولّاك من بعدي ، وإنّ الشقي كل الشقي حقّ الشقي من عصاك ونصب لك عداوة بعدي (٦) ثم ركب وسار حتى وقف حيث المسجد اليوم (٧) في بطن الوادي ، فخطب الناس (٨) فقال :
__________________
(١) البقرة : ١٩٩. ولفظ الخبر : فأنزل الله ، وعليه فالنزول في العاشرة وفي المصحف في أوائل ما بعد الهجرة. والخبر من المصدر الأسبق.
(٢) من المصدر الأسبق ، ومغازي الواقدي ٢ : ١١٠٢.
(٣) المصدر الأول في هذا العنوان.
(٤) المصدر الثاني من هذا العنوان ، ومغازي الواقدي ٢ : ١١٠١.
(٥) المصدر الأول في هذا العنوان.
(٦) أمالي المفيد : ١٦١.
(٧) بحار الأنوار ٢١ : ٣٩٢ ، عن فروع الكافي ١ : ٢٣٣.
(٨) المصدر السابق ٢١ : ٤٠٥. ما في صحيح مسلم ٤ : ٣٦ عن الصادق عن الباقر