والآيات العشر التالية من (٥٧) الى (٦٦) ذات سياق واحد يقصد به بيان وظيفة المؤمنين في علاقاتهم مع غيرهم من أهل الكتاب اليهود والنصارى ، فتنهاهم عن اتّخاذ المستهزئين بالله وآياته من أهل الكتاب والكفّار أولياء ، وتعد أمورا من مساوئ صفاتهم ونقضهم مواثيقهم مع ربّهم وعهودهم ، وما يلحق بذلك مما يناسب غرض سورة المائدة من الترغيب في حفظ العقود والعهود ، والترهيب عن نقضها. ومن الاحتمال الراجح أن يكون لبعض أجزائها أسباب مستقلّة نزولا ، وقد رووا بالفعل لها أسبابا ، إلّا أنّها لا تلائم الموقع المكاني والزماني لنزول المائدة بعد حجة الوداع.
أما الآية (٦٧) فهي المعروفة بآية التبليغ : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ) فقد سبق القول المفصّل عنها وأخبارها في حديث الغدير ، وبناء على ذلك لا يبقى ريب في أنّ الآية لا تشارك الآيات السابقة واللاحقة لها في سياقها ، ولا تتصل بها في سردها ، وإنّما هي آية مفردة عنها (١).
والآيات بعدها الى (٨٦) تعود جارية على سياق الآيات السابقة من أوائل السورة الى هنا ، فإنّها يجمعها أنّها كلام في أهل الكتاب خطابا وعتابا (٢).
لا تحرّموا ما أحلّ الله لكم :
والآيات الثلاث من (٨٧) الى (٨٩) من آيات أحكام الأيمان اللاغية
__________________
(١) وانظر الميزان ٦ : ٢٧ و ٤٢ ـ ٤٨.
(٢) انظر الميزان ٦ : ٦٤.