عزّ وجلّ والذبّ عن دينه أمام المرتدّين عنه على عهده في اليمن واليمامة وغيرهما ، ولكنّه إنّما حاربهم بالرسل والمراسلات ، فبعث وبر بن يوحنّس رسولا الى فيروز الديلمي ومساعد جشيش الديلمي ودادويه الاصطخري من الأبناء في صنعاء وكتب إليهم أن يستنجدوا برجال سمّاهم من بني تميم وقيس ، وأرسل الى أولئك أن ينجدوهم (١) وفعل مثل ذلك بشأن مسيلمة وطليحة ، ولم يجهّز لهم جيشا إلّا أنّه سمّى اسامة لبلقاء الشام.
جاء خبره في «مغازي موسى بن عقبة» عن الزهري قال : قدم رسول الله المدينة من حجة الوداع فعاش بها في المحرم واشتكى في صفر ... وكان رسول الله قد أمّر اسامة بن زيد على جيش عامّتهم المهاجرون ، وفيهم عمر بن الخطاب (٢) ، أمره رسول الله أن يغير على مؤتة حيث اصيب زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة. وكان اسامة بن زيد قد تجهّز للغزو وخرج في ثقله الى الجرف (٣) ثم أقام تلك الأيام لشكوى رسول الله ... حتى كانت ليلة الاثنين من شهر ربيع الأوّل (؟) فأقلع الوعك عن رسول الله وأصبح مفيقا ، فغدا الى صلاة الصبح يتوكأ على الفضل بن عباس ... وجلس رسول الله الى الجذع ، واجتمع إليه المسلمون يسلمون عليه ويدعون له بالعافية.
ودعا رسول الله اسامة بن زيد فقال له : اغد على بركة الله والنصر والعافية ، ثم أغر حيث أمرتك أن تغير. فقال اسامة : يا رسول الله ، قد أصبحت مفيقا ،
__________________
(١) الطبري ٣ : ١٨٧ عن سيف.
(٢) ولم يذكر أبا بكر ، ولكن المعتزلي قال : ذكر موسى بن عقبة أنّ أبا بكر لم يكن في جيش اسامة. شرح النهج ١٧ : ١٨٣.
(٣) الجرف : موضع على ثلاثة أميال (ـ ٦ كم) من المدينة نحو الشام. معجم البلدان ٢ : ١٢٨.