قد امرت بالاستغفار لأهل البقيع. ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب عليهالسلام وانطلق حتى وقف فيهم فقال : السلام عليكم يا أهل القبور ، ليهنئكم ما أصبحتم فيه مما فيه الناس ، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع أوّلها آخرها. ثم عاد الى منزله عليه وآله السلام (١).
وبعد ثلاثة أيام خرج الى المسجد معصوب الرأس ، معتمدا على علي عليهالسلام وعلى الفضل بن العباس ، حتى صعد المنبر فجلس عليه ثم قال : «معاشر الناس ، قد حان منّي خفوف (٢) من بين أظهركم ، فمن كانت له عندي عدة فليأتني اعطه إياها ، ومن كان له عليّ دين فليخبرني به.
معاشر الناس ، ليس بين الله وبين أحد شيء يعطيه به خيرا أو يصرف به عنه شرّا إلّا العمل.
أيها الناس ، لا يدّعي مدّع ولا يتمنّ متمنّ ، والذي بعثني بالحق لا ينجي إلّا عمل مع رحمة! ولو عصيت لهويت! اللهم هل بلّغت؟».
ثم نزل فصلّى بهم صلاة خفيفة ، ثم دخل الى بيت أمّ سلمة رضي الله عنها (٣).
__________________
في بيته لا البقيع في اول مرضه. وفي الخبر بعد التخيير وترجيح جبرئيل الآخرة! يقول الرسول لملك الموت : امض لما امرت به! ولم يؤمر في الخبر إلّا بتخييره ، ففي لفظ الخبر اضطراب. ورواه المفيد في الأمالي : ٥٣ ح ١٥ ، بسنده عن الباقر عليهالسلام : أنّ الذي خيّره هو جبرئيل عند الوفاة فقال : لا ، بل الرفيق الأعلى ، كما مثله في السيرة ٤ : ٣٠١ ، عن عائشة.
(١) الارشاد ٢ : ١٨١ ، وروى نحوه ابن اسحاق عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبي مويهبة مولى رسول الله أنّها كانت معه فقط في جوف الليل ٤ : ٢٩١ ، ٢٩٢ ، وكأن ابن العاص لم يشأ أن يذكر بها عليا عليهالسلام! ونقل الفتن ابن اسحاق في الخطبة في المسجد بعد الصلاة ٤ : ٣٠٤.
(٢) خفوف : حركة وقرب ارتحال ، يريد الإنذار بموته. مجمع البحرين ٥ : ٤٩.
(٣) الارشاد ١ : ١٨٢.