إنا لله وإنّا إليه راجعون ، لقد أشققنا من خلاف رسول الله!
وأفاق صلىاللهعليهوآله فقال له بعضهم : ألا نأتيك يا رسول الله بكتف ودواة؟ فقال : أبعد الذي قلتم؟! لا ، ولكنّني اوصيكم بأهل بيتي خيرا ، ثم أعرض بوجهه عنهم. فنهضوا! وبقي هل بيته خاصة وفيهم علي بن أبي طالب والعباس والفضل ابنه. فقال له العباس : يا رسول الله ، إن يكن هذا الأمر فينا مستقرا بعدك فبشّرنا ، وإن كنت تعلم أنا نغلب عليه فأوص بنا! فقال له : أنتم المستضعفون من بعدي! وأصمت (١). فنهض القوم وفيهم علي عليهالسلام وخرجوا من عنده.
__________________
على نخيلات فلان وهو يقرأ القرآن. فقال : يا عبد الله ... هل بقي في نفسه شيء من أمر الخلافة؟ قلت : نعم. قال : أيزعم أن رسول الله نصّ عليه؟ قلت : نعم ، وأزيدك ، سألت أبي عمّا يدّعيه فقال : صدق! فقال عمر : لقد كان من رسول الله في أمره ذرو (وارتفاع) : من قول لا يثبت حجة ولا يقطع عذرا ، ولقد كان يرفع من أمره وقتا ما ، ولقد أراد في مرضه أن يصرّح باسمه فمنعت من ذلك ؛ إشفاقا وحيطة على الاسلام ، لا وربّ هذه البنيّة لا تجتمع عليه قريش أبدا ، ولو وليها لانتقضت عليه العرب من أقطارها. فعلم رسول الله أني علمت ما في نفسه فأمسك ، وأبى الله إلّا إمضاء ما ضم! ١٢ : ٢٠ ، ٢١.
وفيه عنه قال : خرجت معه الى الشام فقال لي : يا بن عباس أشكو إليك ابن عمّك سألته أن يخرج معي فلم يفعل ، ولم أزل أراه واجدا ، ففيم تظنّ موجدته؟! أظنّه لا يزال كئيبا لفوت الخلافة؟! قلت : هو ذاك ، إنّه يزعم أنّ رسول الله أراد الأمر له. فقال : يا بن عباس ، وأراد رسول الله الأمر له فكان ما ذا إذا لم يرد الله تعالى ذلك؟! إن رسول الله أراد أمرا وأراد الله غيره! فنفذ مراد الله ولم ينفذ مراد رسول الله! أو كلما أراد رسول الله كان؟! إنّ رسول الله أراد أن يذكره للأمر في مرضه فصددته خوفا من الفتنة ، وانتشار أمر الإسلام ، فعلم رسول الله ما في نفسي فأمسك. ١٢ : ٧٨ ، ٧٩.
(١) روى المفيد في أماليه : ٢١٢ م ٢٤ ح ٢ ، بسنده عن علي بن الحسين عليهالسلام أنّه صلىاللهعليهوآله