أصحابي وأنا أضرب إحدى يدي بالاخرى وأقول : عباد الله لقد أمر (واشتدّ) أمر ابن أبي كبشة! أصبح ملوك بني الأصفر يهابونه في سلطانهم بالشام! ثم قدم عليه دحية بن خليفة الكلبي بكتاب رسول الله إليه ، وفيه :
بسم الله الرحمن الرحِيم ، من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم. السلام على من اتّبع الهدى. أما بعد ، أسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين. وإن تتولّ فإنّ إثم الاكّارين عليك (١).
ثم روى الطبري عن ابن اسحاق عن شيخ كبير من أهل الشام (يبدو أنّه كان نصرانيا وقد أسلم) كان يقول : لما بلغ هرقل أمر رسول الله ، جمع الروم فقال لهم : يا معشر الروم ، إنّي عارض عليكم امورا فانظروا فيم قد أردتها! قالوا : وما هي؟ قال : تعلمون ـ والله ـ أنّ هذا الرجل (الظاهر في الحجاز) لنبيّ مرسل ، نعرفه بصفته التي وصفت لنا في كتابنا ، فهلمّ فلنتّبعه ، فتسلم لنا دنيانا وآخرتنا!
فقالوا : نحن نكون تحت يدي العرب ونحن أعظم الناس ملكا وأكثرهم رجالا وأفضلهم بلدا؟! فقال : فاعطيه الجزية فأستريح من حربه وأكسر شوكته بمال اعطيه. فقالوا : نحن نعطي العرب خرجا يأخذوه منّا بالذلّ والصّغار؟! ونحن أكثر الناس عددا وأعظمهم ملكا وأمنعهم بلدا!
قال الشامي : وكانت الشام عندهم ما وراء الدرب ، وما دون الدرب أيضا أرض سورية وهي حمص ودمشق والاردن وفلسطين. فقال هرقل لهم : فلاصالحه على أن أترك له أرض سورية ، ويدعنا وأرض الشام! فقالوا : نحن نعطيه أرض
__________________
(١) الطبري ٢ : ٦٤٦ ـ ٦٤٩ بتصرف يسير ، وفي آخر الخبر : الاكّارين يعني عمّاله ، أي من هم محسوبون عليه. وليس الخبر في سيرة ابن هشام. وانظر المصادر في مكاتيب الرسول ١ : ١٠٥ ـ ١١٢.