وتأخير البيان عن وقت العمل لا دليل على قبحه ، إذا تمكّن المكلّف من الإطاعة ولو
____________________________________
وأمّا إذا كان عالما بها وقادرا على دفعها ، ولم يأت بمقام الدفع ، فوصل الخطاب إلى عبيده على سبيل الإجمال ، فالمؤاخذة عليه من القبائح ، والأمر في الأحكام الشرعيّة كلّها من هذا القبيل ، فإنّه تعالى قادر على دفع الموانع ، وعالم بأنّه يصل الخطابات إلى عبيده جيلا بعد جيل ونسلا بعد نسل ، وما يعرض عليها.
فإن قلت : لعلّ المصلحة والضرورة بعثت الشارع على ذلك ، فهو يكشف عن جعله الاحتياط في مقام الامتثال.
قلت : إنّ مجرّد الاحتمال غير كاف في مقام الاستدلال ، ولا يوجب رفع القبح الثابت من طرف الإجمال ، أو ليس تخصيص الأكثر بقبيح ذاتي ، فلو ظفرنا بخطاب شأنه ذلك فمجرّد احتمال مصلحة في انسباكه بهذا المنهج لا يوجب رفع قبحه ، لكي يأخذ به ، ويستنبط منه الحكم ، بل لا بدّ من طرحه والرجوع إلى غيره.
فإن قلت : إنّ الدليل الدال على اشتراك التكليف بين الموجودين والمعدومين يدلّ على ثبوت التكليف في حقّ المعدومين ، ومقتضاه ثبوت الاحتياط في مثل المقام.
قلت : أوّلا : إنّه من باب الخطاب بالمجمل ، ومقتضاه كما مضى هو الرجوع إلى البراءة فيه.
فإن قلت : إنّ دليل الاشتراك إنّما هو جار في الخطاب المختصّ بالمشافهين ، فليس بالنسبة إلى المعدومين خطاب لكي يلزم فيه تأخير البيان عن وقت الحاجة ، لأنّ الخطاب المزبور إن كان ما دلّ على نفس الحكم ، فالمفروض اختصاصه بالمشافهين ، وإن كان ما دلّ على الاشتراك ، فهو ربّما لا يكون من مقولة اللفظ ، بل يكون من مقولة اللّب كالإجماع.
قلت : إنّ عدم البيان وقت الحاجة بنفسه من القبائح الذاتيّة سواء فرض ثبوته في ما هو من اللفظ ، أو ما هو من اللّب.
وثانيا : نمنع ثبوت العموم في دليل الاشتراك ؛ لأنّه بين لفظي ولبّي ، وكلّ منهما ليس له مسرح في المقام.
أمّا الأوّل ـ أعني : قوله عليهالسلام : (حلال محمد صلىاللهعليهوآله حلال ... إلى آخره) ـ فلأنّه مسوق لبيان استمرار أحكامه صلىاللهعليهوآله نوعا في قبال نسخها بدين آخر ، لا بيان استمرار أحكامه الشخصيّة من غير فرق فيها بين الموجود والمعدوم ، فهو ممّا لا يثبت الإطلاق في أدلّة الأحكام ، لكي