بالاحتياط.
____________________________________
يثبت به الحكم في حقّ المعدوم أيضا.
وأمّا الثاني ـ أعني : الإجماع ـ فلأنّ المسلّم من معقده إنّما هو حال اتّحاد الصنف ، وعدمه في المقام واضح ، كيف والحاضرون كانوا عالمين بمتعلّق أحكامهم ، والمعدومون من الجاهلين به؟ هذا ، لكن بعد في كلام المحقّق القمّي قدسسره مجال للنظر.
أمّا أوّلا : فلأنّه قدسسره في باب الخطاب الشفاهي معترف بأنّ العلم والجهل ممّا لا يوجب الاختلاف في الصنف بين الحاضر والغائب ، ولازم هذا هو الالتزام بالاحتياط في المقام.
وأمّا ثانيا : فلأنّ ما ذكره قدسسره من الدليل على البراءة في الشبهة الحكميّة غير جار في الشبهة الموضوعيّة من الشكّ في المكلّف به لكون الخطاب بالنسبة إليها في غاية البيان ، فلا رادع فيها من العمل بالاحتياط ، والشبهة الحكميّة تلحق بها بالإجماع المركّب لعدم وجود القول بالتفصيل بينهما.
فإن قلت : يمكن قلب هذا الإجماع بأن يقال : إذا ثبتت البراءة في الشبهة الحكميّة بالدليل الذي ذكره قدسسره ، فيلحق بها الشبهة الموضوعيّة بعدم الفصل ، ولذا كان المحقّق المزبور قائلا بالبراءة فيها أيضا.
قلت : إن بنى على جواز خرق الإجماع المركّب في الأحكام الظاهريّة ـ بأن يرجع في كلّ مسألة إلى الدليل الموجود فيها ، ولازمه هو الاحتياط في الشبهة الموضوعيّة والبراءة في الشبهة الحكميّة ـ فلا وجه لاختياره البراءة في كلتيهما.
وإن بنى على عدمه فتكون المسألتان ـ بعد تحرير الإجماع المزبور في كلّ منهما ـ ممّا تعارض فيه قاعدة الاشتغال والبراءة ، ومقتضى الأصل فيه هو الرجوع إلى الاحتياط ، لأنّ الأصل في الأشياء قبل ملاحظة قاعدة قبح العقاب هو الحظر ، وبعد تعارضها بقاعدة الاشتغال بكون المحكم هو الأصل المزبور.
وأمّا ثالثا : فبأنّه كيف يصار إلى البراءة وهي خلاف مفاد أخبار التوقّف والاحتياط ، ومقتضى الجمع بينها وبين أخبار البراءة إنّما هو حمل الاولى على مورد العلم الإجمالي ، والثانية على الشبهة البدويّة؟ فإنّ أخبار البراءة نصّ في الشبهة البدويّة وظاهر في المقرون بالعلم الإجمالي ، يعني : لا يمكن إخراج الشبهة البدويّة عن تحتها وتخصيصها بمورد العلم