مفروضة فيما إذا لم يكن هناك دليل اجتهادي سليم عن المعارض متكفّلا لحكم المسألة حتى تكون موردا للاصول العمليّة.
____________________________________
ومنه يظهر وجه الفرق بين الاصول العمليّة والأصل اللّفظي ؛ وذلك لأنّ تلك الاصول لمّا كانت عمليّة مقرّرة لبيان حكم العمل في المسألة الفرعيّة عند فقد الدليل الشرعي فيها ، فتكون أخبار التخيير واردة عليها ، كيف وهي مجعولة في مورد هذه الاصول؟ وهذا بخلاف الأصل اللّفظي ، وجوابه أيضا في المتن ، وشرحه أنّ أخبار التخيير واردة على ذلك الدليل الفوقاني ، ولنا في إثبات وروده مقدّمتان ـ لا بدّ لمدّعي العكس من منع احداهما ، وأنّى له بذلك؟ ـ :
الاولى : عموم أخبار التخيير وشمولها للمقام لوجود المقتضي وفقدان المانع ، أمّا الأوّل فهو إطلاقات هذه الأخبار ، وأمّا الثاني ؛ فلأنّ ما يتخيّل مانعا بين أمرين :
أحدهما : إنّ جعل التخيير إنّما هو في مورد التحيّر ، وبعد وجود ذلك الدليل لم يبق تحيّر ، وهو مدفوع بأنّ التخيير المأخوذ في مورده التحيّر إنّما هو التخيير العقلي دون الشرعي ، وليس المأخوذ في مورد الثاني إلّا صرف تعارض الخبرين بطريق التكافؤ.
وثانيهما : إنّ جعل التخيير إنّما في صورة عدم الدليل ، والدليل موجود في المقام وهو مدفوع بالمنع ، كيف ولو بنى على ذلك يلزم كون هذه الأخبار الشائعة المستفيضة نادرة المورد ، بل تكون فاقدة له؟ فإنّه ليس لنا خبران متعارضان إلّا وفوقهما عموم من العمومات ، وهذا ليس بخفي لمن كان له أدنى اطّلاع في الفقه.
والثانية : بعد ثبوت العموم المزبور كون أخبار التخيير واردة على ذلك الدليل دون العكس ؛ وذلك لأنّ الخبر الخاصّ المخالف لو فرض وجوده عاريا عن المعارض فلا محالة يكون مقدّما على ذلك الدليل ، كيف وبناء العامّ على الخاصّ والمطلق على المقيّد بمكان من البداهة؟ وكذلك بعد ابتلائه بالمعارض ؛ لأنّه بعد عروض التعارض لم يحصل تغيير في حالته ، إلّا كونه قبل التعارض واجب العمل وبعده جائز العمل ، وإلّا فلم يخرج عن موضوع الحجّية ، ومجرّد هذا التغيير لا يوجب التأمّل فيما كان ثابتا له قبل ذلك من التقديم.
وثانيهما : إنّ ذلك الدليل الفوقاني ـ إمّا من العمومات الكتابيّة أو السنّة القطعيّة نبويّة ، أو